لازلت أساند إيران

جهاد الخازن – الحياة – 6/12/2005م

إن التحريض ضد إيران وبرنامجها النووي يتجاوز مشاهدة الولايات المتحدة وهي تقوم بتنفيذ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية أو أن ينفذ هذه الضربة الإسرائيليون إذا ما فشل الإسرائيليون الموجودين في البيت الأبيض في إقناع الإدارة الأمريكية أن تقوم بذلك نيابة عن إسرائيل. إن هذا التحريض يشمل ما ذكر أعلاه كما أنه يرتبط أيضا بمحاولة استدراج إيران ضد جيرانها وضد بقية دول العالم.والآن يوجد تهديد ضد إمدادات النفط عبر مضيق هرمز وازدياد في الخوف في المنطقة وفي العالم.

إن السياسيين والباحثين يحاولون تفادي الإجابة على أسئلة افتراضية ولكن تكمن حملة الخوف بشأن إيران في افتراضين أحدهما أن إيران سوف تمتلك أسلحة نووية والآخر هو أنه في حالة امتلاكها لهذه الأسلحة فإنها سوف تهدد الجميع بها.

لقد كتبت عن برنامج إيران النووي أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية وكنت أشعر على الدوام بأنه يجب إعلان الشرق الأوسط أنه منطقة خالية من الأسلحة النووية وإذا ظلت إسرائيل هي الدولة الوحيدة المالك لمثل هذه الأسلحة النووية فعندها سيكون من واجب إيران وواجب كل دولة من دول المنطقة أن تمتلك أسلحة نووية لموازنة الترسانة الحربية الإسرائيلية.

إنني لم أغير رأيي ولكنني سوف أضيف اليوم وجهة نظر عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون الخليجي ففي سمنار برلماني في دولة قطر اجتمع في ستة عشر دولة من دول منظمة حلف شمالي الأطلسي (الناتو) فضلا عن دول خليجية قام السيد العطية بشن هجوم شديد على إيران وبرنامجها النووي . لقد اتصلت هاتفيا للاستفسار عن ذلك لأن ما قاله يجب أن يكون تعبيرا عن قناعات دول مجلس التعاون الخليجي.

وفي مكالمة هاتفية أكد العطية بأن دول مجلس التعاون الخليجي تريد شرقا أوسطيا خاليا من الأسلحة النووية وأن موقفه بشأن إسرائيل وترسانتها الحربية قد تمت تسويته وغير قابل للتفاوض. إنه في كل تصريح ومنتدى عالمي بشأن هذا الموضوع فإن دول مجلس التعاون الخليجي تطلب بأن تبقى المنطقة خارج نطاق السباق النووي كما تدعو لإنهاء القدرة التسليحية النووية الإسرائيلية ويوجد كم هائل من هذه التصريحات . إن دول مجلس التعاون الخليجي لا ترغب في أن يصبح الشرق الأوسط ميدانا للصراع الدولي وللتوتر كما لا ترغب في أن تجد نفسها محشورة بين قوتين نوويتين . إن المنطقة تتسم بالحساسية الشديدة وهي تلعب دورا رئيسيا في الاقتصاد العالمي وهذا يعني عدم تركها لوحدها إذا ما رأت القوى العظمى أن إمدادات النفط في موضع الخطر عبر مضيق هرمز الذي يمثل عنق الزجاجة لصادرات النفط من الخليج.

إن العطية يرفض مقارنة إيران بإسرائيل حيث توجد روابط مشتركة في الدين ، التاريخ ، الجغرافيا ، التراث وتمازج بين الخليج وإيران على الرغم من أن ذلك لا يعفيها من المسئولية خاصة بعد بعض من المواقف المعلنة لها والسلوكيات التي كانت مقلقة.

إن دول الخليج تشعر بالغضب حيال رفض إيران لإحداث تقدم وعدم اتخاذها لأي خطوة باتجاه حل نزاعاتها المعروفة جيدا مثل جزر طنب وأبو موسى التي احتلتها إيران وتطلب دولة الإمارات العربية المتحدة استعادتها أو مثل التدخل المستمر في شئون دول الخليج الأخرى وإذكاء التوترات غير الضرورية في المنطقة.

إن آخر تصاعد لهذه الأمور المقلقة هو تدخل إيران في شئون العراق ووجودها المكثف في جنوب العراق. وببدء الحديث عن انسحاب أمريكي جزئي من العراق فإن إيران هي المرشحة لملأ هذا الفراغ. والآن توجد بداية لتنسيق إيراني – أمريكي في مسألة العراق,

إن العطية يقول بأن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة لإعادة طمأنتها حيث توجد مخاطر وأنه لمن الواجب إنفاق الأموال في التنمية وليس الأسلحة. وعلى أية حال فإن دول مجلس التعاون الخليجي ترفض سياسة الكيل بمكيالين وهي تصر على إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ويجب أن ينطبق هذا الأمر على كافة الدول وألا تستثنى إسرائيل.

إنني أعتقد بأن إيران بحاجة لإظهار بعض المرونة والحكمة والاعتدال في تعاملها مع جيرانها الخليجيين وعليها أن ترفض جميع الطلبات من جيرانها الصغار ليس لأنهم على حق ولكن لأنها تستطيع ذلك. إن موقف دول مجلس التعاون الخليجي بشأن البرنامج النووي الإيراني كان سيكون مختلفا لو أن إيران كانت قد سعت لحل مرض لمسألة الجزر وتوقفت عن التدخل في شئون هذه الدولة أو تلك.

وبقولي هذا، فإنني لا زلت مساندا لمحاولة إيران في امتلاكها أسلحة نووية طالما أن إسرائيل لديها تلك الأسلحة. إن الحل الأفضل هو أن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وهذا هو موقف جامعة الدول العربية منذ أن كان عمرو موسى هو السفير المصري لدى الأمم المتحدة ، كما أنه أيضا هو موقف دول مجلس التعاون الخليجي وغالبية دول العالم . وعلى كل حال، فإن الولايات المتحدة ترى أسلحة إيران المحتملة ولكنها لا ترى أسلحة إسرائيل المؤكدة. وتعاون دول الاتحاد الأوروبي معها في هذه السياسة.

بالطبع فإن إيران تصر على أن برنامجها النووي هو لأغراض سلمية ولكنني لا أصدق ذلك. وبالرغم من هذا فإنني مع إيران ضد إسرائيل وضد سياسة المعايير المزدوجة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حيث لا يصدق أحد إيران.

إنه لمن الصعب أن نصدق بأن بلدا يسبح على بحر من النفط والغاز بحاجة إلى برنامج نووي. وعليه فإنني أفترض بأن إيران تريد قنبلة نووية في آخر المطاف كوثيقة تأمين لها لأنها تجد نفسها محاطة بدول نووية. إنني أنصح إيران بتحسين علاقاتها مع جيرانها في منطقة الخليج وأن تأخذ زمام المبادرة لحل المشاكل المعلقة وضمان مساندة هذه الدول. لا يمكن لإيران أن تصنع أعداء من دول المنطقة والعالم بإصرارها على برنامج نووي لا يتنبأ بنهايته أحد.

هل سنرى إيران تتخذ خطوة عاجلة أو خطوات باتجاه دول الخليج الأخرى ؟؟ إنني آمل ذلك.