إبعاد الشرق الأوسط عن الأزمات ضروري للاستقرار والتنمية

الشرق القطرية/تاريخ النشر: الثلاثاء 31 يناير 2006

خالد زيارة -نائل صلاح -عمر أبوغرارة -مأمون عياش :

أكد سعادة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الحاجة إلى ضرورة تقنين استهلاك الطاقة من خلال تنظيم عمليتي الإنتاج والتصدير لضمان ديمومة طويلة لاحتياطات الطاقة بما يعود بالنفع على البشرية جمعاء. وشدد سعادته في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط الذي بدأ أعماله أمس بفندق ريتزكارلتون، على الربط بين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الاستقرار السياسي لضمان النمو بدول المنطقة. مطالباً بضرورة إبعاد المنطقة عن الأزمات وحل ما تشهده الدول من صراعات على أساس قواعد ومبادئ الشرعية الدولية. ولفت إلى أهمية منطقة الشرق الأوسط بما تتمتع به من موارد أولية غنية وحيوية لاقتصاد العالم وديمومته وفي مقدمتها النفط والغاز.

وفيما يلي نص كلمة النائب الأول في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التي حضرها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ورأسها الجنرال انتوني زيني المبعوث الأمريكي السابق بالشرق الأوسط:

يطيب لي أن ألتقي بكم في افتتاح هذا المؤتمر عن «إثراء المستقبل الاقتصادي في الشرق الأوسط، الذي يهم شريحة واسعة من شعوب العالم. ويأتي انعقاد هذا المؤتمر في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى أن نتدبر الشأن الاقتصادي بعد أن حاز الشأن السياسي في عملية الإصلاح قسطاً كبيراً من النشاط الدولي.

ومن المهم بمكان أن ندرك أننا إذ نتطرق إلى المستقبل الاقتصادي في الشرق الأوسط، فإن هذا الجانب لا شك يرتبط ارتباطاً عضوياً وثيقاً بالجانب السياسي بصورة يكون النجاح المتحقق في أحد هذين الجانبين قوة ديناميكية لتحقيق النجاح في الجانب الآخر والعكس بالعكس.

ومن المعلوم أن منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ومنطقة الخليج خصوصاً، هي منطقة ذات أهمية استراتيجية استثنائية فريدة؛ فهي منطقة تتداخل فيها عوامل التأثير السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل فريد الأمر الذي يجعلها محط أنظار واهتمامات المجتمع الدولي.

إن أهمية هذه المنطقة تنبع من العديد من الأسباب والعناصر الجوهرية، ومن أبرزها ما تتمتع به هذه المنطقة من موارد أولية غنية وحيوية لاقتصاد العالم وديمومته، كالنفط الخام والغاز الطبيعي. وهذا فضلاً عن تميُّز المنطقة بموقع جغرافي يكون صلة الوصل بين قارات العالم وخطوط مواصلاته. ولهذا تنطلق من المنطقة جملة من التفاعلات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية التي تتجاوز حدود المنطقة وجوارها.

إن مخزون الطاقة في المنطقة هائل جداً، حيث يُقدر احتياطي دول الأوبك من النفط مثلاً، وغالبيتها من دول الخليج العربية ولإيران بحدود 70% من الاحتياطي العالمي، ويقدر احتياطي الغاز في المنطقة بحدود نصف احتياطي العالم، علماً أن الاحتياطي الأكبر للغاز يوجد في قطر وإيران. إن هذه المصادر تشكل العنصر الفاعل لأي عملية منشودة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم وإن تحقيق النمو الاقتصادي على الصعيد العالمي مرهون بالوصول إلى هذه الموارد.

هذه الحقيقة تدفع إلى الاهتمام بجملة من العناصر المترابطة من بينها العناصر التالية:

ü الاهتمام باقتصاديات دول المنطقة لأن تحقيق النمو الاقتصادي والصناعي فيها ينعكس إيجابياً، بحكم العلاقة التبادلية بين اقتصادات الدول المختلفة، على الاقتصاد العالمي.

ü إن نجاح دول المنطقة في خططها التنموية في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي يؤثر إلى حد كبير في تأمين الاستقرار السياسي، وبالتالي يعود منه نفع عام من خلال الاستثمار الأمثل للموارد الاقتصادية والمالية.

ü إن توفر الموارد المالية الهائلة لدول المنطقة من خلال إنتاج الطاقة بصورة آمنة يوفر إمكانية تدفق رؤوس الأموال إلى الدول الأخرى وبالأخص منها الدول النامية والأقل نمواً، والدول الصناعية الكبرى، بما يوفر تنمية متوازنة على الصعيد العالمي.

ü من أجل هذا الهدف، لابد من تمكين دول المنطقة من امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا والخدمات، وكذلك إنشاء الصناعات بالقرب من مواقع الإنتاج؛ لأن ذلك وسيلة أساسية في رفع مستوى تلبية الاحتياجات العالمية والبشرية للمستقبل، وتأمين قاعدة صناعية وإنتاجية منخفضة التكاليف.

ü ولابد أيضاً من تقنين الاستهلاك من خلال تنظيم عمليتي الإنتاج والتصدير من أجل ضمان ديمومة طويلة الأمد لاحتياطيات الطاقة لخدمة البشرية جمعاء خلال القرن الحالي حيث يبقى النفط والغاز الطبيعي المصدرين الأساسيين للطاقة والصناعة.

ü وأخيراً يجب الإقرار بحقيقة أن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي اللازم لتحقيق النمو الاقتصادي لدول المنطقة، وتبعاً في الدول الأخرى، يرتبط بقوة بتحقيق الاستقرار السياسي فيها، ولذا يجب إبعاد المنطقة عن الأزمات والصراعات والعمل بمثابرة جادة، وبخاصة من الدول الفاعلة في المحيط الدولي، لحل ما تشهده المنطقة منها على أساس قواعد ومبادئ الشرعية الدولية.