دور مهم للجامعة العربية لتشجيع خطط الإصلاح


أعرب المشاركون في الجلسة الخاصة بممارسة العمل التجاري في الشرق الأوسط التي ادارتها الليلة قبل الماضية مدير منتدى الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية السيدة جودييث كييبر عن تقديرهم لمستوى الاطروحات التي قدمت خلال الجلسة والتي تمحورت حول ايجاد مجتمعات تفضي إلى التطور والفعالية والانتاجية والتي شارك فيها مجموعة من المفكرين والمختصين في مقدمتهم السيدة بهية الحريري عضو مجلس النواب اللبناني والسيد هشام يوسف رئيس مكتب الأمين العام بجامعة الدول العربية والسيد بانوس كامينوس نائب رئيس منظمة الأمن والتعاون بالاتحاد الاوروبي ونائب رئيس اللجنة الدائمة للدفاع الوطني والشؤون الخارجية بالبرلمان اليوناني والسيد مايكل ريتش نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة راند ومساعد الرئيس لمجلس مراقب معهد راند قطر للسياسات.. والدكتور ايليان روبرتس مدير التسويق بواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا بالإضافة إلى رجل اعمال من سلطنة عمان الشيخ افلح الرواحي.

في البداية اعطت السيدة كييبر الكلمة للسيدة بهية الحريري التي قالت: إننا لم نستطع حتى الآن إرساء قواعد ثابتة وشاملة للعملية التنموية بين التنمية البشرية والتنمية العالمية والتنمية المستدامة.. إلا أننا نستطيع أن نقف عند القواسم المشتركة للتنمية بما هي عملية هادفة الى تحسين نوعية الحياة لكل البشر. وهناك ثلاث مناح في التنمية متساوية من حيث الأهمية:

اولها رفع المستوى المعيشي للمجتمعات عبر زيادة مداخيلهم ومستوى استهلاكهم وخدماتهم الطبية والتعليمية.. الأمر الذي يتم عبر تأمين تنمية اقتصادية ذات علاقة بالأهداف الأساسية للتنمية.

وثانيها ايجاد وتطوير الظروف المساعدة على نمو احترام الذات عند الإنسان من خلال انظمة عادلة ومؤسسات اجتماعية وسياسية واقتصادية تشجع الكرامة الانسانية والاحترام الإنساني.

وثالثها زيادة حرية الناس عبر توسيع مجالات خبراتهم.. وهذا ما اختصر حديثاً.. مع بداية الألفية الثالثة.. بتعزيز مفهوم الشراكة الذي برز متقدماً من ضمن المفاهيم التنموية الحديثة التي طرحتها الوثائق العالمية لمنظمة الامم المتحدة ومؤسسات التمويل العالمي.. وهذه الشراكة حددت بين العناصر الثلاثة: الحكومات.. والقطاع الخاص.. ومؤسسات المجتمع المدني.. على أن تكون هذه الشراكة قائمة على اساس علاقة تعاون وتنسيق وتحالف تستند إلى فكرة المساواة بين الاطراف يقدم كل طرف فيها موارد بشرية أو مادية أو فنية من شأنها تحقيق أهداف تنموية.

لا نستطيع أن نتحدث في منطقتنا عن النمو الاقتصادي أو الاجتماعي أوالثقافي دون أن نتوقف عند عامل مهم واساسي ألا وهو الاستقرار.. فلا نستطيع بناء أي أفق تنموي في عالم مضطرب مهتز يتعرض بين الفترة والأخرى الى هزات كبيرة ومدمرة تقوض الاستقرار وتذهب بمقدراتنا المادية والبشرية ولسنا بحاجة إلى تحديد أو توصيف هذه الاهتزازات.. فإان النزاع المدمر على مدى ما يزيد على الـ 50 عاماً يعصف بمنطقتنا بالاضافة إلى حروب كبرى نشأت هنا وهناك.. وعلى سبيل المثال.. فإن منطقة الخليج التي شكلت بالنسبة للمجتمعات العربية رافعة اقتصادية وحاضنة للكفاءات البشرية والعلمية.. تعرضت لثلاثة حروب كبرى خلال فترة زمنية لا تزيد على 25 عاماً.. ودمرت مجتمعات باكملها.. وان لبنان الذي شكل لعقود طويلة نموذجاً في التقدم والانفتاح والحرية تعرض للاحتلال والدمار والحروب الداخلية.. واننا امام هذه الصورة السوداوية والمؤلمة نستطيع أن ننظر من خلالها إلى الارادة القوية لحكوماتنا وشعوبنا بالنهوض والتقدم وفتح آفاق المستقبل.. واذا اخذنا بنسب النمو المتواضعة مضافة إليها أكلاف الصراعات فإننا نجد أن هناك إرادة صلبة وقوة خلاقة في مواجهة التحديات والعزم على التطور والتقدم؛ لذا.. فلابد من تعزيز الاستقرار لبناء عملية تنموية شاملة وفاعلة على كل المستويات.

إننا نتطلع إلى إنشاء مؤسسات تنموية محلية واقليمية تستطيع استشراف المستقبل ومسح الطاقات البشرية والمادية.. لأن عملية النهوض تستدعي حسن توظيف الطاقات البشرية والموارد الطبيعية في عملية زمنية محسوبة ودقيقة لأن حسن استخدام الزمن لا يقل أهمية عن حسن استخدام الموارد البشرية والطبيعية.

بعد ذلك أكد السيد هشام يوسف أن الجامعة العربية تعمل على تشجيع الاصلاح في الوطن العربي وقال: إن المنطقة العربية لا تستطيع اجراء الاصلاح الا بعد حل النزاع العربي الاسرائيلي واستشهد بما قالته السيدة الحريري: «إن منطقة الخليج العربي مرت بحروب ثلاث خلال 25 سنة» وهذا ما يعيق التنمية ولذا يتعين حل النزاعات والا ستعود المنطقة إلى مزيد من التطرف ويجب الا نسمح للمتشددين بأن يملوا علينا شروطهم واجندتهم سواء المتشددون من داخل المنطقة أو من خارجها وهم المتطرفون الجدد.. ونحن بدورنا نطرح سياسات تسمح لنا بعزل هؤلاء المتطرفين.. ونواجه بالتالي هجوماً وتهديدات ولكننا لا نستسلم لذلك ومثل تقرير الامم المتحدة الذي تناول مؤخراً اطروحات الاصلاح في العالم العربي وحظي بدعم الجامعة العربية وهذا دليل على اننا نقبل النقد بشرط ان يكون مستنداً إلى اسس وقواعد صحيحة.

واشار السيد هاشم يوسف إلى أن هناك جدلاً كبيراً حول عملية الاصلاح ان كان قد نبع من الداخل او جاء من الخارج وان كثيراً من الاصلاحيين تشددوا نحو الاصلاح الخارجي بزعم ان كفاحهم طوال السنوات الماضية قد تم طمسه وتهميشه.. اننا حقيقة لم نحل العلاقة بين الدين والثروة والقوة السياسية والتطور نحو الديمقراطية ولم نستطع التوفيق والتكامل بشكل عال في التجارة العالمية والاستفادة من العولمة.. علينا ان نتوجه نحو الابتكار.

واوضح أن هناك 100 مليون فرد ينتظرون المساعدة ونحو 80 مليون عاطلين اي مستوى البطالة يشكل 15%.. ولذا لا يمكن ان يتحقق مناخ من الاستقرار الا بحرية الحركة للخدمات واتاحة فرص العمل، هناك ظواهر واضحة حسب احصائيات اليونسكو والدول العربية تقع في ترتيب الهوة ومن الصعب ان تقدم حلا لـ 70 مليوناً اي فلذا نحن نتجه في اولوياتنا نحو الاصلاح ونعترف اننا بطيئون في ذلك ولكننا نعمل في توسيع جهودنا الاصلاحية ونحتاج إلى تشجيع الاستثمار، وفي هذا الصدد نحن نفتح باب الحوار والمشاركة في الرأي ولكن ما تم حتى الآن هو كلام في كلام علينا أن نعترف بأن قطار التغيير قد غادر محطته الأولى وهناك من البلدان من ركب هذا القطار ومنهم من تخلف عنه وهناك محطات اخرى قادمة فالتغيير قادم لا محالة وهناك الكثير من فرص النجاح والكثير من الانجازات ويمكن بالتعاون والمشاركة ان نحقق مزيداً من النجاحات في فتح مناطق تجارة حرة وربط شبكات الكهرباء وغيرها، نحن نحتاج إلى تغييرات وهي مسؤوليتنا ولن نألو جهداً في الوصول الى هذه الغاية.

ثم اعطيت الكلمة للسيد بانوس كامينوس من اليونان الذي طرح موضوع الديمقراطية من وجهة نظر بلده اليونان، حيث قال: إن مشروع الديمقراطية الذي اعلنه الرئيس الامريكي جورج بوش من اجل توسيع مشاركة اليونان في برنامج تنمية الجنوب ووضع الافراد مع بعضهم من اجل خلق منافسة نحو تطوير الديمقراطية بهدف دعم جميع اوجه الديمقراطية ونشر جو من الارتياح بين الناس.

واضاف ان سياسة اليونان حول الالتزام بالسلام واحترام الديمقراطية من خلال التعاون ففي هذا الاطار تعمل بلاده بالتعاون مع المجتمع الدولي والشرعية الدولية على تكريس الاستقرار من خلال الحوار السياسي وعدم فرض حالة الاستقرار من الخارج بل نعمل على مساعدة المجتمعات للنهوض باقتصادياتها، ونسعى الى شرق اوسط مستقر ومزدهر وتأسيس خطوة نحو شرق اوسط كبير بالتعاون مع شمال إفريقيا وبقية الشركاء في الاتحاد الاوروبي الذي يسعده ان يتحقق الاستقرار في هذه المناطق.. والمنتدى الاقتصادي سوف يركز من اجل تعزيز اهداف الاصلاح لأن اجندة المنتدى تشتمل على فتح فرص الاقتصاد والعدالة والسلام.. كما ان المنتدى يهدف إلى تحقيق غايتين اولها أنه مؤسسة تسعى من اجل دعم الحرية والديمقراطية وثانياً: تأسيس صندوق لدعم المستقبل وانشاء صناديق صغيرة تساهم في النمو الاقتصادي للدول.

وبين السيد بانوس كامينوس أن الشراكة والتعاون بين العالم العربي واوروبا بشكل عام يهدفان إلى تحسين وتعزيز وتطوير حياة الناس مع كافة الاطراف لكي يهتموا بهذا التطور واشاعة التعاون على مستوى العالم العربي للقيام بالواجبات المناطة بهم.. فنحن نسعى إلى اشاعة عملية الشراكة على كافة المستويات من اجل تعزيز الحرية والعدالة مع الاتحاد الاوروبي ومن خلال الدعم الاوروبي في هذه العملية وتشجيع تدفق الاموال لزيادة الانتاج وترسيخ بروتوكولات التعاون ومساعدة المستثمرين ضمن التعاون الاقليمي.. كما يجب ان تكون برامج التعاون ضمن اطار زمني محدد مذكراً بالمناسبة التي تستعد لها اليونان لاستضافة الالعاب الأولمبية التي قال إنها فرصة لتفعيل التعاون في المجال الرياضي الذي بالطبع سوف ينعكس ايجابيا على الجوانب الاخرى مثل السياسة والاقتصاد.
 
وقدم الشيخ افلح الرواحي في كلمته في الجلسة على إنه مستثمر صغير من سلطة عمان يحمل طموحاً كبيراً في مشاهدة اقتصاد حر لا تسيطر عليه الدول الكبرى وركزت ورقته على تجاربه الشخصية وتجارب بلده سلطنة عمان وقدم توصيات في نهاية كلمته.

وقال الرواحي ان الخريطة العالمية للقرية الاقتصادية التي لا نجد لها حدوداً والتي تستند إلى المال والناس وعلى الجميع ان يتحرك من اجل استيعاب هذه القرية، وتساءل عن امكانية اوطاننا العربية ان تخلق للبشرية مساحة للمساهمة في الانتاج العالمي.

وقال: إن سلطنة عمان ركزت على الاستثمار في القطاع التعليمي مستشهداً بأحد المفكرين الذي قال: «المنفعة في العلم تزيد على اي منفعة اخرى»، وقال: إن الحكومات تجعلنا ننظر إلى التعليم ليس هو المقتضى المطلوب وبينما الدعم الذي يقدم للتعليم ذات اهمية فائقة والعائد الاجتماعي منه يجعل الشخص اكثر فاعلية في المجتمع.. واذا لم ننظر إليه على شكل معمق فاننا يمكن ان نخلق خبراء في مجال الحاسوب مثلا ولكننا لا يمكن ان نخلق علماء وتجاراً جاهزين للمناظرة لأن القضايا الجزئية متعلقة ومتداخلة ومعتمدة على دعم الدولة.. لذا لابد أن نهتم بتعزيز المعتقدات الوطنية التي يمكن ان تعيش في ثبات ضمن ثقافة مشتركة ولو نظرنا الى ذلك بحذر فإنه سيتم تعزيز المجتمعات بشكل فعال.. وأنا اوجه بحثي نحو الاستقرار لانه الاداة من اجل التطور والتنمية..

وحول تجربة بلاده سلطنة عمان قال افلح الرواحي ان السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان جعل تركيزه على الاقتصاد وتنمية البنية التحتية عندما استلم السلطة قبل 30 عاماً فكان جل اهتمامه بالموارد البشرية في العديد من المجالات والوظائف واعطى المواطن العماني الفرصة للمشاركة في رسم هذه السياسة من خلال مجلس الشورى بيت الديمقراطية والبرامج التي طرحها سواء في الجامعات والمدارس الثانوية التي حظيت بالدعم ومن الخطة الخمسية الأخيرة، اضاف: برنامج الخصخصة العديد من المشاريع خاصة الهيدوكربونية منها واضفاء سياسة الساحل الأخضر على المحيط الهندي التي عالجت المسائل الحيوية واحيت المناطق الساحلية وهي ما اثبتت صحة السياسة التي تتبعها عمان.

وفي ختام كلمته قدم الرواحي عدة مقترحات منها:
1 - توفير تعليم ذي مستوى عال يتناسب مع عالم سريع التغيير وتلبية حاجة المجتمع.
2 - تحديث وتعزيز المناهج وطرق التدريس بمساعدة النظام الخاص والمانحين الأكاديميين العالميين.
3 - تطوير وسائط تعليم فعالة من اجل مساعدة الناس للتعليم واصلاح النظام التعليمي.
4 - تشجيع خلق صناعات محلية من خلال تدفق مزيد من الاموال.
5 - التعاون مع قوى العالم من خلال السلطات الثلاث التي تساعد في انماء الانتاج ودورهم في الاستقرار.
6 - تقييم الاداء العملي من اجل جذب الاستقرار والأمن.