الصفحة الرئيسية  |  البرنامج   |   المشاركين  |  الأخبار |   الكلمات   |   ألبوم الصور   |  الفيديو   |  في الصحافة   |   مواقع مهمة   |  اتصل بنا
   

عدم الإساءة للأديان والمقدسات الدينية وأثره في التواصل الاجتماعي
د. مطلق راشد القراوي
الوكيل المساعد للتنسيق الفني والعلاقات الخارجية والحج
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ دولة الكويت

مقدمة:
الإساءة إلى الأديان و رموزها، يعد صنعا غير حضاري , و له تداعيات خطيرة على حياة البشرية, و تحول حياة البشر إلى فوضى , تستخدم العنف , وتهمل لغة العقل و الحوار , وتغذي الإرهاب و العنف . وأن أفضل وسيلة لعلاجها الاحترام المتبادل بين الأديان , واعتماد منهج الحوار , والتعاون وفق ما يحقق المصالح المشتركة لأتباع الديانات، ويضمن استمرارية الحياة البشرية، واستغلالها لثروات الطبيعة بشكل عادل، بما يحقق نوعا من التقارب الحضاري المبني على الأسس الإنسانية، ويكفل للناس الطمأنينة على حياتهم ونفوسهم في المجتمع البشري.
أهمية الأديان عند الشعوب:

عرف الإنسان الدين منذ خلقته، فأول البشر آدم – عليه السلام- كان نبيا من عند الله تعالى، وورث أبناؤه الدين من بعده، على اختلاف بينهم في قبوله والتزامه، ومن تاريخ البشرية نلحظ أن الله تعالى أرسل رسلا كثيرة جدا إلى الأقوام، ولم تخل أمة من الأمم إلا جاءها نبي أو رسول برسالة الله تعالى، كما قال سبحانه: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ) فاطر24

وإن كان القرآن قد قص علينا قصص خمسة وعشرين نبيا ورسولا، فإن القرآن ينبه إلى أن هذا العدد لا يمثل كل أنبياء الله ورسوله، كما قال سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) .غافر78

وقد اختلف في عددهم على أقوال:
الأول: روي أنه تعالى بعث ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف نبي من بني إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس.
‏الثاني: ما ورد في مسند الإمام أحمد عن ‏أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله، كم المرسلون ؟ قال : ثلاثمائة وبضعة عشر ‏‏، جما غفيرا . ‏

الثالث: جاء في رواية أبي أمامة قال أبو ذر : قلت يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال : مائة ‏ألف، وأربعة وعشرون ألفا، والرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا "‏ والحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح .

‏وقد ورد ذكر خمسة وعشرين نبيا ورسولا في القرآن الكريم، ذكر منهم في سورة الأنعام ‏ثمانية عشر، والباقي في سور متفرقة، وهم : آدم، وهود وصالح، وشعيب، ‏وإدريس، وذو الكفل، ومحمد، صلى الله عليهم أجمعين .
قال تعالى : (إن الله اصطفى آدم ونوحا) [ آل عمران : 33] وقال تعالى : (وإلى عاد ‏أخاهم هودا ..) [هود : 50 ] وقال تعالى : (وإلى ثمود أخاهم صالحا ) [ هود : 61] ‏.
وقال تعالى : ( وإلى مدين أخاهم شعيبا) [هود 84]
وقال: تعالى : ( وإسماعيل وإدريس ‏وذا الكفل) [ الأنبياء: 85] . ‏
وأما الثمانية عشر الذين ذكروا في سورة الأنعام فقال تعالى : ( وتلك حجتنا آتيناها ‏إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم * ووهبنا له إسحاق ‏ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف ‏وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين* وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من ‏الصالحين* وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين) [ الأنعام : 83/86] ‏.
ومع تباعد الأزمان وبعمل الشيطان تناسى الناس شريعة الله، وبدلوا وحرفوا، لكن رغم هذا، فإن الشعوب كانت تبحث لها دوما عن إله، ولو كان غير الله، حتى عبدوا الأصنام والأوثان والشمس والقمر والنجوم والكواكب والنار والبقر و البشر، عبدوا كل هؤلاء من دون الله سبحانه، مما يعني أن الدين – مهما كان صحيحا أو خطأ- فهو يمثل أهمية كبرى في حياة الإنسان، ومهما ضل الإنسان فهو لا يزال يبحث عن إله يعبده، ودين يعتقده.

حوار الأديان وأسباب الحاجة إليه:
يمثل الحوار بين أتباع الأديان حول المعتقدات التي تعتقدها كل طائفة، خاصة بين أتباع الأديان السماوية حاجة بشرية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها، وذلك لأكثر من سبب:
الأول: الأصول المشتركة بين الأديان الثلاثة:
فهناك هناك أصول مشتركة بين هذه الأديان الثلاثة من حيث أصل التوحيد والعقائد و الشرائع.
أما من حيث أصل المعتقد وتوحيد الله تعالى، فقد قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }الأنبياء25
وفي شأن بعض العبادات كالصلاة والزكاة يقول الله تعالى على لسان عيسى – عليه السلام- ({وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً }مريم31
وقال الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }يونس87
ويقول تعالى مخبرا عن إسماعيل عليه السلام {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً }مريم55.
وبين سبحانه أن الصيام كان مفروضا على من كان قبلنا من الأمم، كما قال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183.
كما بين فريضة الحج على الناس كافة من جميع الأمم، كما قال لإبراهيم عليه السلام: ({وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }الحج27، وقد ثبت أن جميع الأنبياء قد حجوا بيت الله تعالى.
وبين الله تعالى أن أصول ما حرم على المؤمنين كانت محرمة على من كان قبلهم من أهل الكتاب من بني إسرائيل، كما قال سبحانه: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }النساء161.
ومن يتتبع القرآن يجد أن كثيرا من العقائد والشرائع هي مشتركة بين الأديان السماوية، وإن دخلها من أهل الكتاب نقص ودخن وتحريف للكلم عن موضعه، كما قال تعالى: ({مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) النساء:46
الثاني: علم الله بالتنوع والاختلاف:
أن الله تعالى خلق الأرض وأسكنها بني آدم كلهم، مع علمه سبحانه أنهم لن يكونوا على ملة واحدة، كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }التغابن2 وهذا الجوار العالمي يوجب عقلا أن يتحاور هؤلاء الجيران فيما يخصهم وفيما يتشاركون فيه من أمور تعود عليهم بالنفع والصلاح، وسبيل ذلك التعارف والتشاور والحوار، وقد قال سبحانه: ({يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13.
أشكال الحوار:
وقد اتخذ الحوار أشكالا عديدة بحكم ثورة الاتصالات التي يعيشها العالم، فهناك الحوار المباشر، من خلال الاحتكاك الاجتماعي، بحكم الجوار السكني، أو الجوار في العمل، أو في الدراسة، وهناك الحوار العلمي الذي يكون في الندوات والمؤتمرات،
الحوار بين المسلمين والمسيحيين ينتشر مثل الانترنت:
من الملاحظ أن الحوار بين أتباع الإسلام وأتباع المسيحية يزداد خاصة مع ظهور الانترنت وانتشاره خاصة في العالم العربي، فقد كان الإنترنت سببا في انتشار ظاهرة الحوار بين أتباع الأديان، وزاد من كثافة وعدد المتحاورين، كما أنه أتاح فرصا كبيرة للاحتكاك الحواري والمجادلة والمناظرة، خاصة مع سهولة استعماله، وعدم الحاجة إلى الانتقال إلى مكان واحد يجمع المتحاورين.
وغالبا ما يكون الحوار عبر غرف صوتية مثل البال توك، الأكثر شهرة وانتشارا، لكن يلاحظ أن غالب الحوار عبر الإنترنت يكون صداميا، لإثارة الشبهات والرد عليها، وليس من باب التحاور السلمي، بل هو من باب التحاور العنفي، مما يستلزم نشر الوعي بثقافة الحوار الفاعل بين أتباع الأديان بما يحقق نوعا من التعايش السلمي بينهم.
نصوص دولية حول احترام الأديان والرموز الدينية:
هناك عدة مواثيق دولية تؤكد على احترام الأديان والرموز الدينية، ومن أهمها:
• الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
• العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .
• إعلان الأمم المتحدة ( اليونسكو ) لعام 1966.
• إعلان ( ويندهوك ) الصادر عن الأمم المتحدة ( اليونسكو ) لعام 1991.
• إعلان المآتا لعام 1992.
• إعلان سنتياغو لعام 1994.
• الميثاق الأوربي لحقوق الإنسان .
• الميثاق العربي لحقوق الإنسان .
ومن النصوص الواردة في بعض هذه المواثيق:
1. في لوكسمبورغ أكد رئيس البرلمان الأوربي الإسباني جوزيف يوريلل على ضرورة وضع حد لما يطلق عليه حرية التعبير والرأي والإعلام في أوربا, وأن يقف هذا الحد الفاصل عن المساس بالأديان السماوية أو معتقدات الآخرين أو المساس بثقافات الشعوب الأخرى , وأن يتم من خلال هذا الحد الفاصل تجريم كل من يتجاوز هذا الحد , مؤكدا أنه لاتوجد حرية رأي مطلقة يمكن أن تسئ للمعتقدات والدين .
2. جاء في البند الثاني من الفقرة ب من إعلان فيينا في المؤتمر الذي عقد حول الأقليات خلال الفترة 14-25 يونيو لعام 1993 : أنه لابد من القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين والمعتقد
3. نصت المادة الثالثة فقرة 1 من ميثاق الأمم المتحدة والتي وضحت أن من الأهداف الرئيسية لإنشاء الأمم المتحدة : تشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع من غير تمييز ضد العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين .
4. ورد في إعلان مبادئ القانون الدولي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 2625 لعام 1970 : ينبغي على الدول أن تتعاون فيما بينها لتعزيز الإحترام الدولي ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع ولإزالة التعصب الديني .
5. قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/1981 : إن إهانة واحتقار الأديان يعد خرقا لميثاق الأمم المتحدة .
6. نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 18 على وجوب : احترام ومراعاة الأديان .
7. نص الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 18 فقرة 3 على : حرية التعبير حول الأديان مقيدة بضوابط الأخلاق العامة , وألا تتعدى على حقوق الآخرين .
8. نص الميثاق الأوربي لحقوق الإنسان في المادة 9 فقرة 2 على : حرية التعبير عن الأديان يجب أن تكون مقيدة بضوابط القانون التي تحقق المصالح العامة لحماية الحياة والأخلاق والحقوق والحريات ولحماية حقوق الآخرين .

نصت ديباجة ميثاق الأمم المتحدة على أن الهدف من هذا الميثاق هو "تطبيق التسامح بين الشعوب لتحقيق وحدتها
كما أكدت المادة 3(1) من الميثاق هذا المعنى، إذ بينت أن من الأهداف الرئيسية لإنشاء منظمة الأمم المتحدة "تشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع من غير تمييز ضد العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
كما نص إعلان مبادئ القانون الدولي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 2625(1970) على أنه "ينبغي على الدول أن تتعاون في ما بينها لتعزيز الاحترام الدولي ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع ولإزالة التعصب الديني"،!
وتبع هذا القرار إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بإلغاء جميع أشكال عنصرية الأديان والمعتقدات بموجب القرار رقم 36/55 (1981)، والذي يقضي في المادة 3 بأن "إهانة واحتقار الأديان يعتبر خرقا لميثاق الأمم المتحدة"،.
كما بينت ذلك المادة 4 من الإعلان السابق الذكر من أنه "يجب على جميع الدول أن تأخذ الخطوات الكافية بمنع وإزالة التعصب المبني على أسس دينية أو عقائدية"، وبالتالي فإن المسئولية القانونية الدولية للدولة تلزمها باتخاذ إجراءات معينة ضد الإهانات التي تلحق بالأديان.
يضاف إلى ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص في المادة 18 منه على وجوب "احترام ومراعاة الأديان"، والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي نص في المادة 18(3) على وجوب أن تكون "حرية التعبير حول الأديان مقيدة بضوابط الأخلاق العامة"، وجاء تأكيد لهذا المعنى الأخير في المادة 9(2) من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان، إذ نص على أن "حرية التعبير عن الأديان يجب أن تكون مقيدة بضوابط القانون التي تحقق المصالح العامة لحماية الحياة والأخلاق والحقوق والحريات ولحماية حقوق الآخرين".
دور الكويت في الحد من الإساءة للأديان:
وفي إطار دور دولة الكويت في الحد من الإساءة للأديان أكدت الكويت أمام مجلس حقوق الإنسان أن التزايد المستمر لصور التعصب والتمييز بسبب الدين أو المعتقد يمثل مصدر قلق بالغ بالنسبة لجميع الأوساط المحبة للسلام في العالم.
وقال المستشار في وفد الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف مالك الوزان في كلمة بلاده في الدورة الـ 17 لمجلس حقوق الإنسان حول التعصب والتمييز إن "هذه الممارسات تعمل على التحريض على الكراهية الدينية والتمييز والتعصب".
وأوضح أن تلك المظاهر تأتي على الرغم من تأكيد المجتمع الدولي التزامه بجدول الأعمال المناهضة للعنصرية عام 2009 باعتماده الوثيقة الختامية لمؤتمر (ديربان) الاستعراضي التي ساهمت في تحديد الأشكال الجديدة من التمييز والتعصب خصوصا على أساس الدين والمعتقد.
وذكر الوزان أن التطاول على قيم الاحترام المتبادل للعقائد والكتب السماوية في أرجاء العالم يهدم كل الجهود الإنسانية الخيرة الهادفة إلى دعم وتعزيز حوار الحضارات بين مختلف معتقدات الأمم والشعوب التي تسعى إلى التقارب لينعم العالم بالأمن والسلام بعيدا عن التعصب والكراهية الدينية والعنف.
في الوقت ذاته أكد « أن الكويت إيمانا منها بتعزيز ثقافة الحوار والتسامح بين الثقافات والحضارات وأتباع الديانات لتحقيق مفاهيم ومبادئ الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والتمييز بذلت جهودا عديدة على المستوى الوطني والعالمي من أجل تعزيز وحماية الحريات الدينية ومكافحة تشويه صور الأديان».
وشدد على مواقف الكويت العديدة ومشاركتها المجتمع الدولي في رفض أي إساءة وتشويه يمس الأديان خاصة السماوية منها، مشيرا إلى إنشاء الكويت المركز العالمي للوسطية لتعزيز تقارب الحضارات ونشر التسامح الديني بين الشعوب والوقوف ضد استخدام المعتقدات الدينية للتمييز بين أفراد المجتمع واحترام خصوصيات الشعوب وبشكل خاص في المساواة والعيش المشترك.
وقال: إن «إنشاء هذا المركز يعد تطبيقا لنهج صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وتماشيا مع دعوته للمجتمع الدولي في اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى للحوار بين الحضارات إلى العمل على تحويل ثقافة العالم من ثقافة كره وتعصب وحرب إلى ثقافة حوار وتعايش وجودا وفكرا».
وأشار إلى تشديد سموه على ضرورة إصدار الأمم المتحدة تعهدا عالميا حول الدعوة إلى الالتزام باحترام الأديان وعدم المساس والتعرض والتهكم على رموزها ومنع الحملات الهادفة إلى تعميق الخلافات بينها والالتزام بتشجيع وتمويل برامج نشر ثقافة التسامح والتفاهم عبر الحوار لتكون إطارا للعلاقات الدولية.
وقال الوزان: إن «الكويت تدعو المجتمع الدولي إلى تعزيز هذا الحوار من أجل خدمة الإنسانية وحقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم»، لافتا إلى إشادة وفد بلاده بجهود المجلس حقوق الإنسان والمفوضة السامية لحقوق الإنسان «لتعزيز ثقافة التسامح والحوار». وحرص على تأكيد الكويت أهمية عقد حلقة النقاش هذه بمقتضى قرار المجلس بشأن مكافحة التعصب والتمييز والتحريض على العنف وممارسته ضد الإفراد بسبب الدين أو المعتقد والذي يدعو إلى تكثيف الجهود الدولية لتشجيع إقامة حوار عالمي لتعزيز ثقافة التسامح والسلام استنادا إلى احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات . .
رؤية الإسلام للأديان الأخرى:
تتلخص رؤية الإسلام للأديان الأخرى فيما يلي:
الأول: الاعتراف بوجود هذه الأديان، ولكن هذا لا يعني الإيمان بصحتها، وإن كان الإسلام يرى التحريف في الأديان السماوية، فإن كثيرا من أتباع الأديان الأخرى لا يعترف بالإسلام كدين سماوي، وهذه النقطة من أهم النقاط التي تميز بها الإسلام.
الثاني: حق أتباع هذه الأديان في ممارسة الشعائر بحرية.
الثالث: حق أتباع هذه الأديان في بناء دور العبادة داخل الدولة الإسلامية، شريطة أن تكون هناك حاجة ماسة لبناء هذه الدور، كتوافر عدد من غير المسلمين وحاجتهم لدور عبادة لهم، وموقف الإسلام في هذا وسط، فلا يسمح بالبناء لمجرد البناء دون أن تعمر بالعبادة، ولا هو يمنع البناء مطلقا، وكثير من اجتهادات الفقهاء القائلة بعدم بناء دور العبادة قائمة على الاجتهاد التاريخي.
الرابع: حسن معاملة غير المسلمين، وهذا يتضح من القرآن والسنة بشكل جلي، فمن القرآن قوله: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة8، ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من آذى ذميا فقد آذاني"، وفي رواية:" فأنا خصيمه يوم القيامة".
الخامس: رعاية غير المسلمين في الدولة الإسلامية، بتقديم الخدمات اللازمة لهم كمواطنين، والقيام على مصالحهم.
السادس: التقارب الاجتماعي، وإخلاطهم في المجتمع، واعتبارهم جزءا من نسيج الأمة، من خلال الاحتكاك الاجتماعي، سواء أكان بإباحة الزواج من نسائهم، وقبول دعوتهم والطعام والشراب معهم، والإفادة من طاقاتهم في المجتمع.
السابع: تقدير ذوي الكفاءة منهم، بتعيينهم من المناصب المناسبة لهم، بحيث يستفاد منهم في إدارة شئون البلاد، وقد كان الخلفاء يستعلمون غير المسلمين في عدد من المناصب العليا، ويقدمون الأكفأ منهم على المسلمين.
الثامن: الحرية التي تكفل لغير المسلمين ممارسة الشعائر والحياة وفق ما يعتقدونه دون تدخل من المسلمين.
وما أروع ما كتبه عمر بن عبد العزيز يستفتي الحسن البصري: ما بال الخلفاء الراشدين تركوا أهل الذمة وما هم عليه من نكاح المحارم، واقتناء الخمور والخنازير؟ فأجابه الحسن البصري: إنما بذلوا الجزية ليتركوا وما يعتقدون، وإنما أنت متبع لا مبتدع، والسلام.
ضوابط حرية التعبير عن الرأي:
ومن أهم الأمور التي يجب أن يراعيها المحاور في الواقع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي حرية التعبير ولكن بضوابطها.
قرار مجمع الفقه الإسلامي:
وقد وضع مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي عددا من الضوابط في أحد دوارته، وهذا نصه:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين. إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26 - 30 نيسان (إبريل) 2009م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع حرية التعبير عن الرأي: ضوابطها، وأحكامها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله.

قرر ما يأتي:
أولاً: المقصود بحرية التعبير عن الرأي: تمتع الإنسان بكامل إرادته في الجهر بما يراه صواباً ومحققاً النفع له وللمجتمع، سواء تعلق بالشؤون الخاصة أو القضايا العامة.
ثانياً: حرية التعبير عن الرأي حق مصون في الإسلام في إطار الضوابط الشرعية.
ثالثاً: من أهم الضوابط الشرعية لممارسة حرية التعبير عن الرأي:
(أ) عدم الإساءة للغير بما يمس حياته أو عرضه أو سمعته أو مكانته الأدبية مثل الانتقاص والازدراء والسخرية، ونشر ذلك بأي وسيلة كانت.
(ب) الموضوعية ولزوم الصدق والنزاهة والتجرد عن الهوى.
(ج) الالتزام بالمسؤولية والمحافظة على مصالح المجتمع وقيمه.
(د) أن تكون وسيلة التعبير عن الرأي مشروعة، فلا يجوز التعبير عن الرأي ولو كان صواباُ بوسيلة فيها مفسدة، أو تنطوي على خدش الحياء أو المساس بالقيم، فالغاية المشروعة لا تبرر الوسيلة غير المشروعة.
(ه) أن تكون الغاية من التعبير عن الرأي مرضاة الله تعالى وخدمة مصلحة من مصالح المسلمين الخاصة أو العامة.
(و) أن تؤخذ بالاعتبار المآلات والآثار التي قد تنجم عن التعبير عن الرأي، وذلك مراعاة لقاعدة التوازن بين المصالح والمفاسد، وما يغلب منها على الآخر.
(ز) ن يكون الرأي المعبّر عنه مستنداً إلى مصادر موثوقة وأن يتجنب ترويج الإشاعات التزاماً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(الحجرات: 6).
(ح) أن لا تتضمن حرية التعبير عن الرأي أي تهجم على الدين أو شعائره أو شرائعه أو مقدساته.
(ط) أن لا تؤدي حرية التعبير عن الرأي إلى الإخلال بالنظام العام للأمة وإحداث الفرقة بين المسلمين.
ويوصي بما يلي:
(أ) تأمين الضمانات الكافية لحماية حرية التعبير عن الرأي المنضبطة بالشريعة والمراعية للمسؤولية بِسَنّ القوانين الحامية لذلك، والتشريعات، وبالقضاء العادل.
(ب) اتخاذ الوسائل المتاحة لمنع استخدام حرية التعبير عن الرأي أداة للإساءة إلى الثوابت والمقدسات الإسلامية، أو بث الفتنة بين المسلمين.
(ج) العمل على تطبيق ما اشتملت عليه المواثيق الدولية من قيود لمنع الإساءة إلى الأديان ورموزها، مع استبعاد الازدواجية في تعامل المجتمع الدولي مع القضايا الإسلامية والقضايا الأخرى.
(د) عمل الدول الإسلامية إلى إصدار تشريع دولي يحمي المشاعر والمقدسات الدينية بوجه عام من التطاول عليها، والسخرية بها، والتشويه لها، تحت ستار الفن أو حرية التعبير عن الرأي أو غيرها .
الثوابت والمتغيرات في حوار الأديان:
من أهم الضوابط التي يجب أن تراعى في الحوار مع غير المسلمين التفريق بين الثابت والمتغير، فهناك ثوابت شرعية يجب الحفاظ عليها، ويحظر على المسلمين التنازل عنها تحت أية دعوى من دعاوى التقريب، ومن أهمها: أصول العقيدة كالقول بوحدانية الله تعالى، وأنه ليس له زوجة ولا ولد، وأنه ليس كمثله شيء، وغيرها من أصول التوحيد الخالص لله تعالى، وكذلك القول ببشرية الأنبياء، كما قال تعالى: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }المائدة75، وقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }الأنبياء7، والقول برفع عيسى وعدم صلبه،لقوله تعالى: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) النساء157، والموقف من الملائكة بوجوب الإيمان بهم ووجوب محبتهم، كما قال سبحانه {مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ }البقرة98، وغيرها من الثوابت مما هو محل خلاف بيننا وبين غيرنا، سواء تعلقت بالعقيدة أم بالتشريع، من القول بحرمة الربا، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير ونحوها من الأحكام القطعية.
لكن هناك مساحة هي محل اجتهاد واختلاف، فمثل هذه الأمور الخلافية التي تبعد عن الأحكام القطعية في العقيدة والتشريع لاشك أن مجال الاجتهاد فيها واسع.
رؤية الإسلام للرموز الدينية والموقف من الإساءة إليها:
الرموز الدينية يقصد بها في العرف الحديث: الأنبياء ودور العبادة والكتب المقدسة.
الموقف من الأنبياء:
أما عن الأنبياء، فقد قرر الإسلام وجوب الإيمان بهم واحترامهم واعتقادهم أنهم أفضل البشر على الإطلاق، وأن الله اصطفاهم على العالمين، كما قال سبحانه: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }الحج75.
كما تميز الإسلام عن غيره من الأديان أنه يوجب على أتباعه الإيمان بجميع الرسل، واحترامهم وتقديرهم، وأن من لم يؤمن بنبي أو رسول، أو من يقول فيهم قولا لا يليق بهم من الاتهام أو السب أو نحو ذلك فهو خارج عن ملة الإسلام، فمن لم يؤمن بموسى أو عيسى- عليهما السلام- أو أحد من الأنبياء فقد كفر، وهذا ما لا نجده في الأديان الأخرى، بل أوجب الإسلام مع الإيمان بهم عدم التفريق بينهم، كما قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285.
ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم وحدة الأنبياء، فيقول:" الأنبياء أبناء علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد"، وقال عن موسى عليه السلام: " أنا أحق بموسى منهم"، وقال عن يونس عليه السلام حينما قابل دعاس من نينوى بلد يونس:" هذا أخي، أنا نبي وهو نبي". وقال عن عيسى عليه السلام كما في صحيح مسلم: " أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات وليس بيني وبينه نبي ) وفي رواية : ( أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الأولى والآخرة قالوا : كيف يا رسول الله ؟ قال : الأنبياء إخوة من علات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد، وليس بيننا نبي ) قال العلماء : أولاد العلَّات هم الإخوة لأب من أمهات شتى . وأما الإخوة من الأبوين فيقال لهم أولاد الأعيان .
قال الإمام النووي تعليقا على هذا الحديث: قال جمهور العلماء : معنى الحديث أصل إيمانهم واحد، وشرائعهم مختلفة، فإنهم متفقون في أصول التوحيد، وأما فروع الشرائع فوقع فيها الاختلاف.
وهذا ما يجب الانتباه إليه، فأصل الإيمان عند الأنبياء واحد، ولكن وقع الاختلاف في الشرائع.
الموقف من دور العبادة:
أما دور العبادة، فقد احترمها الإسلام وقدرها وأوجب المحافظة عليها، وبذل النفس في إبقائها، وقد قال تعالى: { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج40.
وقد قال المفسرون: ولولا ما شرعه الله من دَفْع الظلم والباطل بالقتال لَهُزِم الحقُّ في كل أمة ولخربت الأرض، وهُدِّمت فيها أماكن العبادة من صوامع الرهبان، وكنائس النصارى، ومعابد اليهود، ومساجد المسلمين التي يصلُّون فيها، ويذكرون اسم الله فيها كثيرًا. ومن اجتهد في نصرة دين الله، فإن الله ناصره على عدوه. إن الله لَقوي لا يغالَب، عزيز لا يرام، قد قهر الخلائق وأخذ بنواصيهم.
فلا يجوز اقتحام الكنائس والأديرة، ولا الاعتداء عليها، ولا هدمها، بل أوجب على الدولة المسلمة أن تحافظ عليها حتى يؤدي أتباع الأديان الأخرى عباداتهم بالشكل المناسب دون خوف من أحد، بل يكونون آمنين أثناء أداء عباداتهم.ا.هـ
ولهذا لما انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم على النصارى أبقى لهم كنائسهم، كذلك فعل عمر وغيره من الخلفاء على امتداد التاريخ الإسلامي، فلم يحولوا الكنائس إلى مساجد، بل تركوها للنصارى يتعبدون فيها كيف يشاؤون، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي المسلمين في الحروب بقوله:" ولا تحرقوا كنيسة ولا تعقروا نخلا"، وفي مسند أحمد وصية أبي بكر ليزيد بن أبي سفيان أمير الجيش للشام: " إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم في الصوامع في العبادة، فدعهم وما زعموا".
ولما ذهب عمر – رضي الله عنه- إلى إيليا لقعد الصلح مع أهلها عام 16 هـ، وحد بناء ظهر أعلاه وطمس أكثره، فسأل ما هذا؟ قالوا: هيكل لليهود طمسه الرومان، فأخذ عليه من التراب بفضل ثوبه، وألقاه بعيدا حتى ظهر الهيكل .
لما فتح أبو عبيدة الشام نص في صلحهم " على أن تترك كنائسهم وبيعهم"، ولما فتح عمرو بن العاص مصر أعطى أهلها الأمان على أنفسهم وملتهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم.
الموقف من الكتب المقدسة:
يتجلى موقف الإسلام من الكتب المقدسة فيما يلي:
الأول: وجوب الإيمان بالكتب المقدسة المنزلة من عند الله تعالى على أنبيائه جميعا، كما قال سبحانه {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }آل عمران84
بل نص الله تعالى في كتابه على أن القرآن نزل مصدقا لما في التوراة والإنجيل، فقال {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ }آل عمران3، وقال سبحانه {وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ }آل عمران50
ومدح القرآن التوراة بقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44.
وأثنى على عيسى – عليه السلام- وعلى ما معه من الإنجيل فقال: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } المائدة46.
ولهذا نوه الله تعالى أن محمدا – صلى الله عليه وسلم- مذكور في التوراة والإنجيل، وأن علماء بني إسرائيل يعرفون ذلك، فقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157.
ودل على بشارة عيسى عليه السلام بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } الصف6
الثاني: الحفاظ على ما يجده المسلمون من صحف التوراة والإنجيل، فيحرم انتهاكها أو تحريف التوراة أو الإنجيل علنا كما فعل بعض غير المسلمين، ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم خيبر عام 7هـ، وجد صحفا من التوراة، فطلبها اليهود، فأعطاهم لها، وسمح لهم أن يحملوا صحفهم من التوراة معهم. يقول المستشرق (ولفنسون): لم يتعرض النبي صلى الله عليه وسلم بسوء لصحفهم المقدسة، ويذكرون إزاء ذلك ما فعله الرومان حيث تغلبوا على أورشليم وفتحوها سنة 70م، إذ أحرقوا الكتب المقدسة، وداسوها بأرجلهم، وما فعله المتعصبون من النصارى في حروب اليهود في الأندلس حيث أحرقوا أيضا صحف التوراة".
ولعل من آثار هذه التعاليم السمحة أننا لم نجد مسلما على مر التاريخ يحرق إنجيلا أو توراة، كما أننا لم نسمع بمسلم أنه سعى لتحريف الإنجيل أو التوراة.
الآثار السلبية للإساءة للأديان والرموز الدينية:
هناك عدد من الآثار السلبية التي تترتب على الإساءة للأديان والرموز الدينية يجب معرفتها حتى ندرك خطر الحوار السلبي بين أتباع الأديان خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن أهم تلك الآثار السلبية:
الأول: إثارة القلاقل و الفوضى , حيث سيثور أهل الدين الذين تم الإساءة إليهم ؛ ويردون على الفعل بقوة بشكل جماعي , تغيب عنه ضوابط التحكم , ويشحنه الغضب , و الرغبة في رد الكرامة، و الطرف الأخير كذلك ؛ سيسعى للدفاع عن وجهة نظره ؛ وهذا ما يوتر الموقف أكثر , و يجعل الطرف الممسوس في حالة تشنج جماعي ؛ يسعى للتعبير عن نفسه بأي شكل يؤكد وجوده .
الثاني: زعزعة الأمن الوطني و القومي ؛ لأن الحكومة ستسعى لمنع الإضرابات و التظاهرات الجماعية الغاضبة ؛ و تدعو لاستعمال الحكمة , وهو ما لا يتفق مع التوجه الجماعي الغاضب , فيحدث الصدام بين الطرفين ؛ و هو ما يؤدي في كثير من أحواله إلي قتلي وجرحي ومسجونين .
الثالث: خرق القوانين الدولية , و أسس الديانات , ومسلمات المنطق , وهذا بدوره يفتح بابا عظيما من الجرأة على القوانين و عدم احترامها , والتلاعب بها , وإلغائها كليا ؛ وهو ما يجعل الناس يفقدون الثقة في القوانين ؛ ويدفع البشر للعودة لشريعة الغاب .
الرابع: خلق العداوات بين أهل الديانات المختلفة ؛ وتهيئة أسباب النزاعات والحروب، وهو اتجاه يخالف الاتجاه العالمي العاقل , الساعي إلى تقارب الأديان و تفاهمها، و فتح أبواب الحوار ..
الخامس: نزع الثقة بين أصحاب الديانات ؛ وهذا ينعكس على أوجه التعاون الإنساني في المجالات العلمية و السياسية و الاقتصادية .
السادس: إلحاق الأضرار المادية بالطرف المعتدي من طرف المعتدى عليه، على غرار فعل الكثير من الدول الإسلامية في قطع علاقتها التجارية والاقتصادية بالدانمرك و منع بضاعتها من دخول أسواقها .
السابع: فتح باب الصراعات الدولية , و جر أطراف كانت خارج الدائرة إلى دائرة الخلافات , التي ستصبح في النهاية عداوات تؤدي إلى حروب .
الثامن: تغييب المنطق و استخدام الوسائل العقلية الحكيمة في رد الإساءة , والاستغناء عنها بوسائل العنف و القوة .
التاسع: تقوية الإرهاب و الحركات المتطرفة ؛ لأنه- في نظري- لا يوجد عامل في نشأة الإرهاب أقوى من عامل الإساءة إلى الدين و رموزه ؛ لأن الطرف المعتدي عليه ؛ سيكون في حالة تشنج ؛ خاصة حين لا يسمح له بالتعبير عن نفسه وعرض وجهة نظره ؛ ويعامل بمكيالين ؛ و الواقع خير شاهد على ذلك، فإذا اعتدي على الإسلام أو رموزه ؛ اعتبر ذلك من حقوق حرية التعبير , لكن مع اليهودية يعاقب كل من يتعرض لها ؛ بل يكفي أن يوجه لشخص تهمة المعاداة للسامية ليصبح ملاحقا في حياته و مهددا في مستقبله ؛ و خاصة إن كان سياسيا
العاشر: السماح لوجود خط و اتجاه فكري متعصب ضد الديانات ؛ سيسعى للمساس بها , و محاربتها , و التقليل من شأنها و دورها في حياة الإنسان ؛ وبالتالي طرح الفكر البديل عن التدين , و العمل على إيجاد فلسفة له .
الحادي عشر: الإساءة إلى الأديان ورموزها، تعتبر أكبر عامل هدم لمشروع حوار الحضارات و الأديان و التقريب بينها ؛ و هو توجه عالمي حديث، له الكثير من الأنصار ؛ و خاصة لدى النخبة المثقفة وأصحاب الفكر و السياسة , والتيارات المدنية و الاجتماعية .
الثاني عشر: إهانة الشعور الديني و إثارة النعرات المذهبية و العنصرية .
الثالث عشر: استخدام وسائل غير مشروعة و غير قانونية في الإساءة خفية تنطلي على البسطاء ؛ و تبرير مشروعيتها ؛ مثل الفيلم الذي أنتجه النائب البرلماني الدانمركي المتعصب بعنوان ( الفتنة ) و الذي يخلط فيه بين صور العنف الإرهابي و الإعدامات في الدول العربية الإسلامية
الرابع عشر: العودة إلى الماضي , وإحياء جوانبه السلبية، المتركزة على الصراعات الدموية؛ كادعاء أن الإساءة إلى الرسول بالرسوم، علامة علي وجود حرب صليبية جديدة متعصبة ضد المسلمين , ينبغي أن يستنفر جميع المسلمين لإذكائها وإشعالها .
الخامس عشر: إن الإساءة إلى الأديان و رموزها ؛ يعد أهم عامل لتوحيد الأمة , وتعبئتها لمجابهة العدو , وإن كانت تعاني من انشقاقات و خلافات داخلية , وهو أمر لا يسعد العدو الذي كان قصده من الإساءة النيل من وحدة الأمة ومحاولة إضعاف شأنها .
منهج معالجة الإساءة للأديان والرموز الدينية:
وإن كانت هناك آثار سلبية للإساءة فيما يخص الأديان والرموز الدينية، فإنه من المتقرح علاج هذه الظاهرة بعدد من الأمور، أهمها:
الأول: الإقرار بالاختلاف الثقافي والاعتقادي , و التعاون وفق ما يحقق مصالح كل فرقة في ضوء القيم المشتركة قال تعالي ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا ) المائدة من الآية 48
الثاني: اعتماد منهج الحوار في التفاهم و الرد ؛ وهو منهج مؤصل في الإسلام , دعا إليه القرآن , و حدد ضوابطه: ( أن يكون موضوعيا وبالحكمة والحجة والبرهان , والجدال بالتي هي الأحسن , وعدم النيل من الآخر والتطاول عليه), قال الله تعالى ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا و أنزل إليكم وإلهنا و إلهكم إله واحد ونحن له مسلمون )العنكبوت آية 46 .وهذا الحوار القائم على هذه الضوابط يحفظ لأهل كل دين معتقداتهم و خصوصياتهم ولا يعني الانصهار والاندماج والتنازل , وإنما القصد العمل على ما فيه مصلحة الإنسان عموما و يحفظ كرامته . ولهذا الحوار نموذج حي في سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم، حيث عقد صلى الله عليه و سلم صلحا بين اليهود والمسلمين ليتعايش الإسلام واليهودية في المدينة، وفق مبادئ وأسس تحقق مصالح الطرفين .
الثالث: تعريف أهل كل ديانة بديانتهم بصورة صحيحة سليمة لا لبس فيها؛ وهذا يتأكد في حقنا نحن المسلمين أكثر، حيث شوه صورة الإسلام , وألصق به ما ليس منه في الداخل و الخارج؛ الأمر الذي يحتم علينا التعريف به , وما يمتلكه من قيم ومبادئ تهيئه ليكون الدين الذي يكفل المستقبل للحياة البشرية , وعلينا في هذا الصدد تصحيح صورته في الإعلام الغربي , وتصحيح صورة رجاله و دوله .
الرابع: إبراز الدور الذي يمكن أن تقوم به الديانات ورجالها في حل المشكلات البشرية، ومواجهة التحديات المختلفة، و على رأسها مشاكل البيئة .
الخامس: فضح نوايا أصحاب اتجاه صراعات الحضارات و نهاية التاريخ وبيان هدفهم، وهو السيطرة على شعوب العالم وفرض الثقافة الموحدة عليهم ( ثقافة العولمة).
السادس: التعريف بثقافات الأمم المختلفة, ومحاولة التقريب بين جوانبها الإيجابية، التي تخدم صالح البشرية، بغض النظر عن الديانة أو الجنس
السابع: التعاون على حل مشكلات الأقليات الدينية والعرقية , وتوفير مناخ صالح للتعايش الاجتماعي و الثقافي .
الثامن: التأكيد على أن الحضارة إنتاج بشري، أسهمت فيه جمع الأديان وجميع الأجناس بدرجات متفاوتة , ويجب توظيف هذا الاشتراك بما يحقق السلام العالمي وحمايته .
التاسع: تكوين هيئات عالمية لحوار الأديان و التعريف بها , بما يكفل احترام كل دين للدين الآخر، وتزويدها بما تحتاج إليه من آليات لأداء مهامها .
العاشر: عقد المؤتمرات والندوات بين أتباع الأديان و المذهب الفكرية، ذات التأثير على الرأي العالمي ,ودعوة العلماء والمفكرين إليها؛ لتفعيل الحوار بين الأديان و الحضارات , وقطع الطريق علي المسيئين إلى الأديان ورموزها .
الحادي عشر: فتح الحوار مع المسيئين إلى الأديان ورموزها , لبيان حقائق الأديان و مبادئها ؛ ولعل ذلك يعد خير وسيلة لتراجعهم عن مواقفهم ضد هذه الأديان .
الثاني عشر: تجنيد جميع المؤسسات الدولية والعالمية لمحاربة ثقافة الكراهية و العنصرية , و الاستعلاء على الغير , وتضمين ذلك في المناهج الدراسية , و العناية به في الوسائل الإعلامية و الجماهيرية المختلفة .
الثالث عشر: مطالبة الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة بمناصرة الدين , الذي تم الإساءة إليه , وإدانة ذلك , وملاحقة الفاعلين له قانونيا , ومعاقبتهم , وفق حجم الإساءة وآثارها الاجتماعية .
الرابع عشر: العمل على حماية القيم والأخلاق من دعوات التحلل الأخلاقي بدعوى الحرية الفردية .
الخامس عشر: دراسة ظواهر الإرهاب و العنف والإساءة إلى الأديان ورموزها , والعمل على التعاون بين الدول و الأديان في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل .
السادس عشر: التحكم في مستوى ردة فعل الطرف الآخر , وعدم التنزل مع الخصم في أسلوبه في استخدام السب ؛ لأن الرد عليه بنفس الأسلوب , قد يطال الذات الإلهية , قال تعالى (ولا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلى الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) فصلت آية 34 ـ 36
هذه الآية توضح فلسفة الإسلام في ضبط النفس عند توجبه الإساءة إليها؛ وخاصة الإساءة التي تنال الدين و رموزه ؛ وقد صور الله هذه الفلسفة في غير آية كقوله تعالى( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) النحل آية 125
وللجوء إلى الرفق و اللين أولوية على ما عداهما من الوسائل حتى مع الجبابرة , قال تعالى (اذهبا إلى فرعون إنه طغى , فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) طه آية 43-44 ورب العزة جل جلاله استخدم الحوار مع إبليس، الذي كان يتهكم من سيدنا آدم , وقد سجل القرآن هذا الحوار الهادي في أكثر من موضع .

   
يفتتح مؤتمر الدوحة التاسع لحوار الأديان أعماله الاثنين 24 أكتوبر في فندق الشيراتون في الدوحة، قطر، باشتراك أكثر من مئتي شخصية دينية و أكاديمية من خمسة و خمسين بلداً.
يتطرق المؤتمر هذه السنة إلى موضوع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحوار بين الأديان، عبر جلسات وورش عمل تمتد لثلاث أيام متواصلة.
يعقد مؤتمر الدوحة التاسع لحوار الأديان بإشراف مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان و اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات
.
تنبيهات بريدية  
للحصول على آخر الأخبار والتحديثات من فضلك أدخل عنوان بريدك الإلكتروني