الصفحة الرئيسية  |  البرنامج   |   المشاركين  |  الأخبار |   الكلمات   |   ألبوم الصور   |  الفيديو   |  في الصحافة   |   مواقع مهمة   |  اتصل بنا
   

كيف ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إضعاف العادات والتقاليد، وتقليص العلاقات الاجتماعية؟
د. موسى آدم عبد الجليل
أستاذ مشارك / قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الاجتماعية
جامعة الخرطوم ــ السودان
بريد إلكتروني imusaadam@gmail.com

1- مقدمة
عرف الإنسان بأنه كائن اجتماعي نسبة لأنه لا يستطيع العيش إلا في جماعة، فتضامن البشر مع بعضهم البعض يزيد من قوتهم ويمكنهم من التغلب على مصاعب الحياة ومهدداتها نسبة لقدرتهم على الاستفادة المتبادلة من الخبرات التي يكسبونها. فالإنسان لا يعتمد في حياته على الغرائز التي ورثها جينيا لكي يعيش بل يمكنه اكتساب معارف وخبرات جديدة بكفاءة مذهلة تتخطى خبرات ومعارف أسلافه.

إن طفل الإنسان، من دون بقية المخلوقات يكون ضعيفا جدا في صغره بحيث لا يستطيع مجرد البقاء لو ترك من دون رعاية من غيره، بينما الحيوانات حديثة الولادة تتمكن من الحركة والبحث عن الطعام في غضون ساعات من ميلادها. فالطفولة الإنسانية الطويلة يتخللها تعلم ونقل للخبرات من الأجيال الأخرى عبر ما يسميها علماء الاجتماع بعملية التنشئة الاجتماعية (أو التربية). إن مجمل الخبرات المكتسبة والعمليات التي ترتبط بها تجعل كل مجتمع يتميز عن غيره في مظاهر وخصائص تزيد أو تنقص مع الزمن وهذا التراكم هو ما يسمى اختصارا بالثقافة. فهي عبارة عن مجمل الخبرات الحياتية علاوة على المعتقدات والرموز (بما في ذلك اللغة) التي تتطور لدى مجموعة من الناس. وقد عرفها عالم الأنثربولوجيا البريطاني الشهير (إدوارد تايلور) الثقافة بأنها:
"ذلك الكل المركب الذي يضم المعرفة والعادات والمعتقدات والأخلاق والفن والقانون، وأية قدرات أخرى يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع".

من أهم خصائص الثقافة أنها تمكن الإنسان من الاتصال بغيره وتبادل الخبرات معهم سواء كان ذلك ذهنيا أو عمليا. لذلك كانت اللغة من أعظم ما حبا الله بها بني البشر لكونهم يتمكنون بواسطتها من تلخيص خبراتهم وتحويلها إلى شفرات قابلة للتداول مع الآخرين، وهكذا يمكن للإنسان أن يتواصل مع معاصريه وأن تصل إليه خبرات من سبقوه بكل سهولة ويسر. وقد ظهرت الحضارات الإنسانية كإحدى أهم نتائج تبادل الخبرات بين البشر رأسيا (عبر الأجيال) وأفقيا (عبر المناطق الجغرافية المختلفة).

2- التواصل الاجتماعي وحاجة الإنسان إليه
سبق أن ذكرنا بأن الإنسان كائن اجتماعي نسبة لأنه يحتاج إلي العيش في جماعة. ويعتبر التواصل الاجتماعي أهم عملية تتصل بتحقيق "اجتماعيته" (أي الحالة الجمعية للإنسان). فليس المقصود بالحياة الاجتماعية الوجود الجماعي في مكان واحد (وإن كان ذلك إحدى مظاهره) وإنما الهدف أو الغاية هو الانغماس في علاقات تفاعلية مع الآخرين أخذا وعطاء؛ وبذلك تنفتح مجالات للعمل معهم من أجل تحقيق المصالح المشتركة. إن الآليات والطرائق التي بها يتم هذا التفاعل هي التي يمكن تسميتها "بالتواصل الاجتماعي".
كان التواصل الاجتماعي للإنسان في العصور القديمة يعتمد على اللقاءات المباشرة. وبتطور الثقافة والعلوم زادت قدرات الإنسان التواصلية بحيث لم يعد يعتمد على علاقات الوجه-لوجه كما يسميها علماء الاجتماع. ومهما تكن شكل الآليات المستخدمة في التواصل فإنه من المهم جدا التأكيد على دور عمليات التواصل كنشاط لا غنى عنه في تأكيد الوجود الاجتماعي للإنسان في شتى المجتمعات والعصور مع اختلاف البيئات والثقافات والبنيات الاجتماعية التي تأطر وجوده ذاك. ويمكن الإشارة هنا إلى أهم الوظائف التي يؤديها التواصل الاجتماعي في حياة الفرد والتي تدل على أهميته:-

أولا- التعاون في تيسير شؤون الحياة.
لأجل ضمان وجوده المادي يحتاج الإنسان لتدبير حاجاته الضرورية من مأكل ومسكن وما إلى ذلك. وإذا كان تحقيق الضروريات ميسورا بالنسبة للمجتمعات الإنسانية الأولى نسبة لبساطتها فإن المجتمعات اللاحقة قد زادت حاجاتها وأصبحت أكثر تعقيدا تبعا لدرجة الثقافة التي بلغتها. إذن كل مجتمع لا بد أن يواجه صعوبات، ولكل قوم في منطقتهم احتياجات، ولا يستطيع الإنسان بمفرده أن يعالجها، وإنما يحتاج أن يتعاون مع الآخرين من أجل التغلب على تلك الصعوبات. ويطلق علماء الاجتماع على تلك الحالة "الاعتماد المتبادل".
ثانيا- الأمن النفسي.

الإنسان بطبعه يخاف من المجهول. كما أن الحياة بطبيعتها مليئة بالضغوط والمشاكل، فيحتاج الإنسان إلى من يتضامن معه نفسياً، ليخفف عنه الآلام، ويرفع من معنوياته. وكذلك يحتاج الإنسان إلى من يستشيره ليستفيد من رأيه. وبذلك يراكم الإنسان خبراته فتزداد قدراته وفهمه لطبيعة الحياة من حوله ومعه زيادة أمنه النفسي. فالتضامن الاجتماعي يعني أن الإنسان ليس وحيدا في مواجهة مشكلات الحياة. وهذا يدعوه للاطمئنان النسبي على ظروف وجوده في البيئة والظروف المعينة.

ثالثا- الضبط الاجتماعي.
الإنسان أناني بطبعه كما أقر بذلك علماء الاجتماع من لدن عبد الرحمن ابن خلدون ومرورا بأميل دوركايم؛ حيث أقروا جميعا ضرورة وجود رادع يجعل الفرد يلتزم بحقوق بقية أفراد الجماعة ويضع مصالحهم في الاعتبار في سعيه الدءوب من أجل تحقيق مصالحه. ويشير الضبط الاجتماعي ببساطة إلى "الضغط الذي يمارسه المجتمع على جميع أفراده للمحافظة على النظام ومراعاة القواعد المتعارف عليها". ولا شك أن وسائل الضبط الاجتماعي تتسم بالنسبية الشديدة – حسب المجتمع وتبعا لنوع القواعد أو الأفعال المقررة فيه. ويصبح التواصل أداة مهمة في تنبيه الشخص وحثه للسير في الاتجاه المرغوب اجتماعيا وتثبيطه من الانحراف إلى مسالك قد تجر عليه استهجان الجماعة وربما أيضا زجرهم له ومعاقبته.

رابعا- خدمة الأهداف المشتركة.
لكل مجتمع تطلعات وأهداف مشتركة، عقدية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. هذه الأهداف المشتركة تحتاج إلى تعاون وتواصل يساعد على تحقيقها. والتواصل بين الناس محور أساس في التعاليم والتوجيهات الإسلامية، حيث يذم الإسلام الرهبنة والعزلة، ويدعو إلى أن يتعرف الناس على بعضهم بعضا كما جاء في قوله تعالى: "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا".

إن أهم تأكيد للأهداف المشتركة هو حالة العقد الاجتماعي الذي بوجوده أصبحت للجماعة الإنسانية قائد أو زعيم يأتمرون بأمره ويسعى هو لتحقيق تطلعاتهم. وقد ظهرت الدولة كإحدى أهم نتائج العقد الاجتماعي في العصر الحديث حيث أصبحت الدولة معنية أكثر بتحقيق رفاهية الإنسان وليس مجرد أمنه كما في السابق.

3- التواصل الاجتماعي والتغير الاجتماعي.
مفهوم التغير الاجتماعي يشير إلى التحول الذي يطرأ على المجتمع الإنساني وبنياته المختلفة عبر الزمن. ولاهتمام علم الاجتماع بدراسة المجتمع كان من الضروري الانتباه إلى طبيعة التحولات التي تحدث داخل المجتمع والبحث عن أسبابها والكيفية التي تحدث بها هذه التحولات. وقد اختلف العلماء في تقديم تعريف محدد ودقيق عن التغير الاجتماعي. ونعطي فيما يلي أمثلة مبسطة هنا فقط لإعطاء فكرة عن الموضوع دون الدخول في أي جدل.
فقد عرف جيرث وميلز التغير الاجتماعي بأنه: "التحول الذي يطرأ على الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الأفراد، وكل ما يطرأ على النظم الاجتماعية، وقواعد الضبط الاجتماعي في مده زمنية معينة". ويصف عاطف غيث التغير الاجتماعي بأنه هو التغيرات التي تحدث في التنظيم الاجتماعي أي في بناء المجتمع ووظائف هذا البناء المتعددة ويحدد المجالات التي يحدث فيها التغير الاجتماعي بأنها: (أ) التغير في القيم الاجتماعية (ب) التغير في النظام الاجتماعي (ج) التغير في مراكز الأشخاص. ويلاحظ مما سبق أن المفكرين متفقين في النظرة العامة لماهية التغير الاجتماعي. هو كل تغير يطرأ على البناء الاجتماعي في الوظائف والقيم والأدوار الاجتماعية خلال فترة محددة من الزمن. وعندما يكون هذا التغير إيجابياً فهو تقدم وعندما يكون سلبياً فهو تخلف، فالتغير إذاً ليس له اتجاه محدد. وهناك عدة عوامل تساهم في تحريك عمليات التغير الاجتماعي تشمل العوامل البيئية (طبيعية واجتماعية)، العوامل الديموغرافية، العوامل الثقافية، الاختراع والابتكار، العوامل الاقتصادية، والعوامل السياسية.

إن البنية الاجتماعية لمجتمع ما ليس شيئاً ثابتاً لأنه تعبير عن طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة فيه، بل إن هذه البنية في حالة من التغيير المستمر. فالأجيال الجديدة تعمل بصورة إبداعية وخلاقة من اجل تحسين الأوضاع في سياق الظروف المتغيرة للحياة الاجتماعية، وذلك انطلاقاً من المتطلبات الاجتماعية والفردية للتكيف مع الأوضاع البيئية السائدة. لهذا فإن انسجام كل فرد مع النشاط الاتصالي لتكوين ماهية اجتماعية هي مسألة ضرورية من اجل استيعاب العلاقات الاجتماعية في أثناء عملية التشكيل الاجتماعي نفسها.

وتتلاءم هذه الأنشطة مع أنواع النشاط الاتصالي وكذلك مع السلوكيات التي تتطلبها العلاقات الاجتماعية. لهذا فإن العلاقات الاجتماعية في التواصل تتوقف على شخصية الفرد، وتجربته الاجتماعية وسماته الذاتية، وبالظرف المحدد، وباختصار، "بمجموع الظروف الموضوعية والذاتية". إن التطو والتقدم في مجال تكنولوجيا المعلومات أثرت على كيفية عمل الناس ومكان عملهم، ومقداره، ومع من يعملون ويتفاعلون. فتقانة المعلومات أثرت بشكل كبير على عملية التفاعل الفردي والجماعي داخل المحيط الأسري وداخل المحيط الاجتماعي للمجتمع الأكبر.
القاعدة الذهبية تشير إلى أن "التغير سنة الحياة"؛ وعليه فإن الإنسان ما يزال يقوم باكتشاف طرائق جديدة للتواصل الاجتماعي تتناسب مع ظروفه الموضوعية. فليس بمستغرب إذن أن تأتي العولمة كتيار جديد مرتبط بالتغير الاجتماعي بأدوات جديدة للتواصل الاجتماعي. فلكل عصر خصائصه ومنجزاته وإضافاته الحضارية.
إن قبول اتجاهات التغير الاجتماعي لا يمكن اعتباره من المسلمات. فغالبا ما ووجه التغير بتحفظات من البعض وبمعارضة شرسة من البعض الآخر في جميع المجتمعات بلا استثناء؛ حيث تمتلئ كتب التاريخ بقصص كثيرة في هذا الصدد. ومع ذلك نجد أن معظم ما تمت مقاومته سابقا تم قبوله لاحقا، ولا داعي لسوق الأدلة على ذلك في هذا الحيز المحدود. من هذا المنطلق ينبغي عدم الانسياق وراء التهويل الشديد لأثر تقانات التواصل الاجتماعي على استمرارية المجتمع وازدهاره. وإذا كان هناك سبب يدعو للاعتقاد بأن مجتمع ما مقبل على التدهور والانهيار فينبغي البحث عن أسباب جذرية أخرى غير وسائل التواصل الاجتماعي. فهذه الوسائل ليس لها تأثير منفصل خارج السياق الثقافي والاجتماعي لمستخدميه. بل إنها منتجات ثقافية في المقام الأول ويدل قبولها والعمل بها على استعداد كامن لتبني حزمة المنتجات الجديدة والتي تشكل وسائل التواصل الاجتماعي حلقة من حلقاتها.

4- ثورة الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي
تمثل ثورة المعلومات التي نعيشها اليوم، إحدى أهم الثورات التي عرفها التاريخ البشري، إذ أصبحت المعلومات وطرق تداولها وحفظها واسترجعاها، واليات انتقالها غاية في التطور، وفي متناول الأغلبية الساحقة حتى لا نقول في متناول الجميع. والثورة المعلوماتية بكل أجهزتها وتقانتها ومكوناتها ساهمت بشكل كبير جدا في اختصار طرق وأشكال الحصول على المعلومات وحتى مصادرها، فبعد أن كان التلفزيون وفي وقت لاحق القنوات الفضائية والإخبارية المتخصصة، هي محتكر المعلومة، من خلال المراسلين ووكالات الأنباء، أصبحت اليوم المعلومات تنتشر بطرق جديدة تماما غيرت عناصر العملية الاتصالية كلية، من خلال وسائل الإعلام الجديد (شبكات اجتماعية، مواقع دردشة، رسائل قصيرة ومدونات..الخ.
Facebook / Twitter /YouTube /SMS /Skype /Messenger /Blogging
قربت وسائل الاتصال الحديثة بين الأشخاص المتباعدين جغرافيا، وجعلت العالم يبدو بحق كقرية صغيرة من حيث سهولة التواصل وتبادل المعلومات والخبرات. ولكن المفارقة المدهشة في ثورة الاتصالات أنها قربت المتباعدين وأبعدت المتقاربين، فالمرء يتواصل بانسيابية واستمتاع مع أشخاص من أقاصي الأرض، ويخصص لذلك أوقات غالية، ولكنه قد يستثقل أن يخصص ساعة من نهار لأفراد أسرته يتواصلون خلالها معه، أو أن يفارق مقعده ليتنزه مع أصدقائه الحقيقيين.
والمرأة قد يكون لديها عشرات الصديقات من دول مختلفة، ولكنها تضيق ذرعًا ببناء جسر مع جارة قريبة لها ولو بإلقاء السلام، أو تهنئة بالعيد، فجسر التواصل محبب وسهل في العالم الافتراضي، ومع الأشخاص الإلكترونيين، ولكن حاجز الفرقة والانعزال يرتفع في وجه القريبين مكانيًا، في ذلك العالم الحقيقي الممل.
باتت مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية في الفترة الأخيرة تسيطر على أوقات وأفكار الشباب، فأصبحوا يقضون اغلب أوقاتهم وراء شاشات الكمبيوتر الأمر الذي ساهم في تقليص العادات والتقاليد المتمثلة بالعلاقات الاجتماعية وصلة الأرحام لدى بعض الشباب خصوصا وان هذه المواقع أصبحت شغلهم الشاغل.

لكن البعض الآخر من الشباب يقوم باستخدام هذه المواقع لأغراض مفيدة مثل التعرف على عادات وحضارات الشعوب الأخرى وبناء صداقات مفيدة. ونلاحظ أيضا أن هذه المواقع كانت المحرك الرئيسي للثورات والمظاهرات والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية حاليا، مما يعني أن تأثيرها كالسحر على الشباب. لكن هل تغني هذه المواقع الالكترونية عن الترابط الاجتماعي من خلال العلاقات الاجتماعية؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى إجابة من الجميع بما فيهم الشباب أنفسهم.

لقد دخلت التقنية الحديثة وملحقاتها بقوة في حياة الصغار والكبار وأوجدت لنفسها مساحات كبيرة في حياتنا وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، نظراً لما تمتلكه من إمكانات لا حدود لها في خلق التواصل. وعلى الرغم من كون التواصل هو أساس الحياة الاجتماعية للإنسان إلا أن الكثير من الباحثين يؤكد وجود تأثيرات سلبية على الحياة الاجتماعية للشباب من جراء إدمان استخدام هذه الوسائل التقنية الحديثة.
فقد أخذت روابطنا وعلاقاتنا الاجتماعية فيما بيننا شكلاً إلكترونياً فأصبحنا نهنئ ونواسي ونتشارك في المناسبات المختلفة من خلال بضع كلمات على شاشة الموبايل فلا وقت للزيارات والروتين الاجتماعي فالرسائل القصيرة هي مفهوم العصر الحديث. لقد تشبثنا بالتقنية وانبهرنا بها إلى درجة قتل الروابط والصلات الحميمية بين الناس، فالتطورات التقنية صنعت بيننا وبين من حولنا فجوة كبيرة فأصبحنا نعيش فراغاً اجتماعياً ووجدانياً وغدونا أسرى لأزرار هاتف المحمول وشاشات الكمبيوتر.

5- إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة
لكل عنصر أو شكل جديد من المنجزات التقنية فوائده التي تساعد المعاصر لهذه التطورات على التكيف مع الظروف المستجدة. عليه يمكن تلخيص بعض أهم ايجابيات وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة (ليس حصرا شاملا) فيما يلي:-
• ضغط المسافات وربط الناس عن بعد، كالأقارب والأصدقاء الذين فرقتهم الظروف.
• الاتصال بأكبر عدد من الناس مما لا يتيسر في الظروف العادية. وهذا يؤدي إلى زيادة "رأس المال الاجتماعي" حسب تعبير عالم الاجتماع الفرنسي بيير بوردو.
• معرفة معلومات جديدة عن ثقافات أخرى.
• بعض المستخدمين يسألون عن العادات والتقاليد والأديان بما في ذلك عن الإسلام.
• تصحيح الأفكار السالبة عن الإسلام لغير المسلمين.
• تتم بعض الزيجات نتيجة التعارف عبر الانترنت أو مواقع الزواج.
• زيادة الوعي السياسي.
• التواصل عبر صفحات المشايخ والدعاة يسهل على الشباب تصويب بعض المفاهيم الخاطئة من ناحية دينية.
• إرسال دعوات العرس والمناسبات الاجتماعية بطريقة سهلة وفعالة.
• سهولة تنظيم التبرعات للمسائل الخيرية عبر الانترنت مما يزيد من فعالية مشاعر الإحسان والتكافل الاجتماعي.
• إبلاغ الناس بالوفيات مما يمكنهم من حضور تشييع الجنائز.
• بعض المسنين قد يجدون السلوى في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة فتنكسر بذلك عزلتهم.
• تمكن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة الشخص من المحافظة على هوياته المتعددة أو اكتساب/اكتشاف هويات جديدة.

6- سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة
هناك سلبيات كثيرة ترتبط باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة يمكن ذكر أهمها فيما يلي (دون أي ترتيب حسب الأمية):-
• اكتساب عادات سيئة من الآخرين، اعتمادا على ضعف الشخصية.
• الإدمان على الإنترنت وآثارها الصحية جسديا ونفسيا.
• ضياع الزمن وعدم التوازن في استخدام الإنترنت يؤثر على إنتاجية العاملين والتحصيل الدراسي للطلاب.
• سهولة تعلم الكذب والاعتياد عليه.
• سهولة معاكسة النساء مما يزيد من معدل الانحرافات الأخلاقية.
• تفويت أوقات الصلوات.
• قدرة الشباب/ المراهقين على الإفلات من الرقابة الأسرية.
• اللجوء إلى لغة الاختصار "عربيزي" يؤثر على ملكات التعبير باللغة العربية حيث يدعى الشباب أنه أسهل من التعبير العربي أو الإنجليزي.
• شيوع الفضائح من خلال كشف أسرار الآخرين وما يترتب على ذلك من هدم البيوت.
• سهولة تعلم الجريمة (نظرية المخالطة الفارقة)، قد يراقب الوالدين التقليديين نوعية صحبة ابنهما ولكن كيف يفعلان ذلك مع الانترنت، إذ أن مراقبة المواقع وحدها لا تكفي.
• سهولة تفشي الغيبة والنميمة كأمراض اجتماعية.
• استخدام الإنترنت والتلفون للتواصل الجنسي يساعد في تفشي الرذيلة.
• الاغترار بوجود مودة وحميمية زائفة عبر الأثير قد يؤدي بالشخص إلى التضحية بالعلاقات الحقيقية مع الأشخاص من حوله، ويقود ذلك إلى خسارة الأصدقاء.
• زيادة قابلية التأثر بحالات الآخرين. فقد ينتقل الشعور بالوحدة في شكل عدوى عبر الأثير.
• المقارنة مع الآخرين قد يؤدي إلى زيادة الإحساس بالإخفاقات وتقليل الشعور بالنجاحات.

7- دور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في إضعاف العادات والتقاليد
إن العادات والتقاليد تشكل الجسر الرابط بين الأجيال المختلفة في أي مجتمع مما يضمن استمراره. وكذلك من المعلوم أن العادات والتقاليد لأي مجتمع تشتمل على الإيجابيات والسلبيات؛ وعليه فالناس ماسة للإبقاء على الجوانب الايجابية في ثقافة المجتمع. من هذا المنطلق نذكر هنا بالجوانب أو الآثار السلبية لتقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة على عادات المجتمع وتقاليده. وتتلخص أهم تلك السلبيات فيما يلي:-
• المعايدة بالـرسائل والبريد الإلكتروني يلغي الخصوصية الثقافية في تفقد المرضى والمسنين وذوي الاحتياجات والجيران في الأعياد.
• تقلصت علاقات الجوار بحيث أصبح القرب المكاني غير مهم وحل محله المكان الإسفيري/الافتراضي.
• اختفاء فضيلة الأكل الجماعي بين أفراد الأسرة والجيران.
• الزيارات الاجتماعية للتهنئة بالعيد ووصل الأرحام ومعاودة المرضى وتفقد الفقراء كلها وظائف اجتماعية ترفع من مستوى التضامن الاجتماعي وتزيد من كفاءة المؤسسات الاجتماعية في الضبط الاجتماعي.
• كان المسافرون وسكان المدن يحاولون الرجوع إلى قراهم ومسقط رؤوسهم في مواسم الأعياد العيد. ولكن مؤخرا أصبحت التهنئة بالعيد إحدى وظائف وسائل التواصل الاجتماعي.
• تهديد الهوية الثقافية للشباب الذين لم يمارسوا أو يطلعوا بعد على الكثير من التقاليد المفيدة لجيل الآباء والجداد.
• تقلص دور كبار السن في التربية من خلال الحكايات والقصص (الجد والجدة وحكواتي القرية أو الحي كنماذج).

8- دور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في تقليص العلاقات الاجتماعية
• تقليل التواصل مع أفراد الأسرة عن طريق تقليل وقت اللقاءات الأسرية يهدد التماسك الأسري.
• تهديد الاستقرار الأسري للمتزوجين الذين ينشغلون يدمنون الإنترنت.
• ضعف العلاقات بين الجيران لعدم وجود الوقت الكافي أو الخشية منهم (وهذه ترتبط أكثر بشيوع نمط الحياة الحضرية).
• ضعف التواصل مع ذوي الأرحام إلا في المناسبات (كالزواج والوفاة).
• شيوع التفكك الاجتماعي على مستوى الجماعات المختلفة (الأسرة – الحي – موقع العمل – والمجتمع العام).
• فقدان الأصدقاء والاستعاضة عنهم بالعلاقات عبر الأثير علما بأن حاجة الإنسان لمن حوله من البشر لا تنقطع. ولهذا أوصى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالجار لكونه يكون حاضرا وسريع الاستجابة لدواعي المساعدة.

9- خلاصة
ما انفك الإنسان في حاجة للتواصل مع غيره منذ الأزل، ولهذا عمل دوما على تطوير وسائل التواصل مع الآخرين من حوله، وما يزال. ولهذا يعد التطور المذهل في تقنيات التواصل الاجتماعي ومحاولة التكيف معها أمرا طبيعيا. فالتغيير سنة الحياة وأمر متجدد في كل العصور والمجتمعات.
ولقد رافقت استخدام هذه التقنيات الكثير من السلبيات التي تحتاج إلى الاستقصاء والفهم والمعالجة. فمجرد ذم هذه الوسائل (أو الدعوة إلى تركها في بعض الأحيان) لا يجدي. وبرغم كل شيء تظل وسائل التواصل الاجتماعي أدوات ثقافية خاضعة لقوانين الاتصال والعمليات الثقافية والتفاعل الاجتماعي وليست خارجة عليها.

10- توصيات
1- إنشاء مواقع تواصل اجتماعي يراعى فيها عناصر الجاذبية للشباب كما يراعى فيها متطلبات التنشئة الاجتماعية للمحافظة على ثقافة المجتمع وقيمه الدينية والعادات والتقاليد الحميدة فيه (داوني بالتي كانت هي الداء).
2- دعم جهود الأسرة في ترشيد التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.
3- إدراج التربية الإعلامية في المناهج التربوية.
4- إقامة دورات تدريب للوالدين حول التربية الإعلامية والاتصال وكيفية مصاحبة الأبناء في أنشطتهم، ويمكن أن تضطلع بهذه المهمة مؤسسات المجتمع المدني.
5- تضافر الجهود بين الأسرة ومؤسسات المجتمع الأخرى مثل المدرسة والمؤسسات الإعلامية من أجل الحفاظ على الأسرة ومجتمع الجوار وتعزيز دورهما.

6- حث وسائل الاتصال الجماهيري للابتعاد عن البرامج التي تتعامل محتوياتها مع حلول المشكلات والخلافات العائلية بالعنف والقسوة والقوة، والتركيز على حل المسائل الخلافية داخل الأسرة بالتفاهم والمنطق والأسلوب العلمي.
7- دعم وجود إعلام هادف يهتم بقضايا الشباب ومشكلاتهم.

8- تشجيع العلماء في الجامعات ومراكز البحوث لإجراء الدراسات الميدانية المفصلة حول تعامل الجمهور مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة تمهيدا لتقديم الحلول المناسبة للتعامل مع سلبياتها.

   
يفتتح مؤتمر الدوحة التاسع لحوار الأديان أعماله الاثنين 24 أكتوبر في فندق الشيراتون في الدوحة، قطر، باشتراك أكثر من مئتي شخصية دينية و أكاديمية من خمسة و خمسين بلداً.
يتطرق المؤتمر هذه السنة إلى موضوع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحوار بين الأديان، عبر جلسات وورش عمل تمتد لثلاث أيام متواصلة.
يعقد مؤتمر الدوحة التاسع لحوار الأديان بإشراف مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان و اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات
.
تنبيهات بريدية  
للحصول على آخر الأخبار والتحديثات من فضلك أدخل عنوان بريدك الإلكتروني