أخبار
قمّة الناتو تدعو إلى حلّ الأزمة الأوكرانيّة والحدّ من التدخل الروسي في المنطقة

 

الدوحة في 04 سبتمبر - قنا

 

تنطلق اليوم أعمال قمّة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مدينة (كارديف) عاصمة مُقاطعة ويلز ببريطانيا وتستمرّ يومين لتناقش عدّة قضايا أهمّها الأزمة الأوكرانيّة والعلاقات بين الحلف وروسيا وتطلّعات بعض دول أوروبا الشرقيّة السابقة للإنضمام للناتو، بالإضافة إلى مُستقبل الوضع الأمني والعسكري في أفغانستان خاصة وأن الحلف سيستعدّ لإنهاء عمليّاته القتاليّة هناك مع نهاية العام الجاري مع الإبقاء على بعض من قوّاته لأغراض تدريب القوّات الأفغانيّة.


وستظلّ الأزمة الأوكرانيّة وعلاقات الحلف مع روسيا الشغل الشاغل للناتو وقادته خاصة وأن هذه الأزمة تمسّ مساً مُباشراً أمن أوروبا ومصالحها الاستراتيجيّة، في حين تشكّل العلاقات بين أوروبا وروسيا حجر الزاوية في منظومة الأمن الأوروبي والعالمي في آن واحد، لذا تبدو أزمة أوكرانيا بتطوّراتها وتداعياتها المحور الأساسي لتحرّك الحلف وخططه وسياسته الأمنيّة والعسكريّة مع الحرص على عدم تفاقم هذه الأزمة بحيث تقود إلى مُواجهة عسكريّة بين الحلف وروسيا .


وقد نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانيّة يوم الجمعة الماضي، أن حلف الناتو ينوي تشكيل قوّة عسكريّة تضمّ عشرة آلاف جندي من سبع دول أعضاء بالحلف ضمن خططه لتعزيز دفاعاته للردّ على تدخل روسيا في أوكرانيا، وأن هذه القوّة التي تقودها بريطانيا ستضمّ الدانمارك ولاتفيا وإستونيا وليتوانيا والنرويج وهولندا، إلى جانب احتمال انضمام كندا إليها، حيث يتوقّع أن يُعلن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني عن تشكيل هذه القوّة نهاية الأسبوع الجاري بالتزامن مع انعقاد قمّة الناتو في بلاده، إلا أن أندرس فوغ راسموسن الأمين العام لحلف الناتو أكد أن الحلف ينوي التمسك بالإتفاقيّة الأساسيّة مع روسيا، مُوضحاً في مُؤتمر صحفي عقده في بروكسل الإثنين الماضي بأن الحلف معني بتعاون وثيق مع موسكو، لكنه أعرب في الوقت ذاته عن أسفه لأن روسيا تعتبر الناتو خصما، على حد تعبيره .


وذكر راسموسن أن الناتو يعتزم زيادة حضوره العسكري في أوروبا الشرقيّة دون أن يكشف عن أيّة أرقام محددة بهذا الخصوص، لافتاً إلى أن كل التفاصيل سيتمّ تنسيقها بعد قمّة الناتو الحالية في ويلز، مُشدّداً أيضاً على ضرورة زيادة النفقات العسكريّة لدول الحلف.


وكانت بعض وسائل إعلام غربيّة قد كشفت النقاب عن دعوة عدّة دول بينها بولندا ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا وكندا إلى إلغاء الإتفاقيّة الأساسيّة مع روسيا بهدف تمكين دول الحلف من زيادة تعداد قوّاتها في بلدان الدول الأعضاء السابقين بمنظمة حلف وارسو والتي انضمّت إلى الناتو بعد تفكك الإتحاد السوفياتي، وهذه الإتفاقيّة تحدّد عدد وعديد القوّات الأطلسيّة المُفترض وجودها في دول أوروبا الشرقيّة التي انضمّت للأطلسي عقب انفراط عقد حلف وارسو وذلك بالإتفاق مع روسيا.
وكان الأمين العام لحلف الناتو قد أكد يوم الإثنين الماضي أن آلاف الجنود الأطلسيين من أسلحة الجوّ والبرّ والبحر مُعزّزون بقوّات خاصة يمكن أن ينتشروا في غضون أيّام في أوروبا الشرقيّة .
وأكدت فيديريكا موغيريني وزيرة خارجيّة إيطاليا من جانبها على أنه لا بديل عن الدبلوماسيّة لمُعالجة الأزمة الأوكرانيّة، مُعربة عن اعتقادها بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يلتزم بالإتفاقات فيما يخصّ الأزمة الأوكرانيّة، مُشيرة إلى أنه فضّل مُمارسة نفوذه عبر دعم الإنفصاليين في شرق أوكرانيا، وبيّنت بأن العقوبات الاقتصاديّة التي تفرضها الدول الأوروبيّة والولايات المُتحدة على روسيا تمثل أحد الحلول المُتاحة لكن ينبغي أن تندرج ضمن استراتيجيّة أكثر شموليّة.


يُشار إلى أنه قد تمّ منذ يومين تعيين رئيسة الدبلوماسية الإيطالية موغيريني مفوضة عليا للشؤون الخارجية والأمن بالإتحاد الأوروبي خلفا لكاثرين آشتون فضلا عن منصب النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية موغيريني، أعربت عقب هذا التعيين عن عزمها القيام بدور سياسي من خلال منصبها الجديد في المفوضية الأوروبية مؤكدة نيتها متابعة كافة الملفات التي تثير قلق دول الإتحاد سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية والعلاقات مع الشرق الأوسط وخاصة الدول العربية .
وقد لفت بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة أنظار حكومات البلدان الغربية إلى استحالة الحل العسكري للأزمة الأوكرانية


وقال في تصريحات له أثناء زيارته إلى نيوزيلاندا قبل يومين، إن الإتحاد الأوروبي والأمريكيين وغالبية الدول الغربية يبحثون جديا فيما بينهم في الطريق الواجب اتباعها للتعامل مع ما أسماه "التدخل الروسي في الأزمة الأوكرانية"، وأضاف، "من المهم أن يدركوا أن لا حل عسكريا لهذه الأزمة والحل السياسي يتطلب حوارا تفاوضيا وهذا الطريق أكثر عقلانية وذلك في معرض تحذيره الغربيين من مخاطر حصول تصعيد مسلّح للنزاع في الوقت الذي يعقد فيه قادة حلف شمال الأطلسي قمتهم لتعزيز وجود الحلف في شرق أوروبا .


وعبر بان كي مون عن قلقه البالغ إزاء التطورات الأخيرة في أوكرانيا، مشيرا إلى رغبته في تجنب تصعيد حدة توتر الأزمة التي تتحول، حسب رأيه، إلى وضع خطر للغاية وفوضى، موضحا بأن هذه الأزمة ذات تداعيات إقليمية وعالمية، داعيا السلطات الأوكرانية والروسية إلى الجلوس على طاولة التفاوض وحل هذه الأزمة بطريقة سلمية من خلال الحوار .
ويبدو (وفقا لمعلومات عبر مصادر سياسية وإعلامية غربية أوروبية وأمريكية) أن قادة حلف الناتو عاقدو العزم خلال قمتهم هذه على اتخاذ خطوات عملية ووضع خطط تنفيذية لها للتصدي لتداعيات وتفاعلات الازمة الاوكرانية على دولهم مثلما يعقدون العزم على انشاء تحالف دولي قوي لمواجهة ما يسمونه ظاهرة الارهاب المتفاقمة ومنع امتدادها الى الساحتين الاوروبية والامريكية وعدد من الساحات العربية ومحاصرتها حيث تتمركز حالياً .


فقد Hكدت المصادر السياسية الغربية لصحيفة المانية مؤخرا أن قمة الناتو في ويلز ستبحث بجدية وعمليا مسألة فتح خمس قواعد أطلسية جديدة في لاتفيا وليتوانيا واستونيا ورومانيا وبولندا، ويخطط الحلف لنشر اربعة الاف عسكري من الدول الأعضاء فيه في كل من هذه القواعد حسب ما نقلته الصحيفة عن مصدر أطلسي وصفته بالمطلع دون الخوض في تفاصيلها
وقالت صحيفة "فرانكفورتر الغيمايني زونتا غستسايتنونغ" الألمانية، إن مهمة القواعد الجديدة ستتمثل في حماية الدول الأعضاء بالحلف من روسيا، مشيرة إلى أن الناتو يتهم روسيا بالمسؤولية عن تصعيد القتال في الشرق الأوكراني.


وممّا يشجع قادة دول الناتو على اتخاذ مثل هذه الخطوات العسكرية رغبة حكومة كييف الملحة في الإنضمام سريعا إلى حلف شمال الأطلسي حيث أعلن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك عن البدء بالإجراءات القانونية الهادفة إلى حصول بلاده على عضوية الناتو.
وقال ياتسينيوك خلال اجتماع لحكومته يوم الجمعة الماضي "نحن نقوم الآن بإحالة مشروع قانون بشأن إلغاء وضع خارج الأحلاف إلى برلمان أوكرانيا ويقضي هذا المشروع بتوجه أوكرانيا إلى الحصول على العضوية في حلف الناتو".


وأضاف رئيس الحكومة الأوكرانية، أن المشروع سيحظر قانونا عضوية أوكرانيا في أي اتحادات أخرى باستثناء الاتحاد الأوروبي داعياً برلمان بلاده إلى سرعة إقرار هذا المشروع وبشكل عاجل.
تجدر الإشارة إلى أن كييف كانت قد قرّرت عام 2002م بدء عملية الانضمام إلى حلف الناتو، إلا أن الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش وقّع في عام 2010م قانوناً أكد حياديّة أوكرانيا وتخليها عن التكامل مع الناتو.


وفي ظلّ هذه الأجواء المتوترة أوروبياً وبالأحرى أطلسياً مع روسيا على خلفية نزاعهما بشأن الأزمة الأوكرانيّة مع احتمال تصعيد الناتو للهجته العسكريّة حيال موسكو بعد فرض عقوبات اقتصاديّة مشدّدة عليها يتساءل المراقبون عما إذا كانت روسيا ستلتزم جانب الصمت إزاء ما تتوقعه من ردود فعل أطلسيّة على دورها في أوكرانيا أو سيكون لها موقف وردّ فعل مُغاير عمّا يتوقعه الأطلسيّون، وفي هذا الصدد يؤكد مراقبون سياسيّون عديدون معنيّون بالأزمة الأوكرانيّة أن موسكو لن تقف موقف المتفرج أو الصامت إذا قرر الناتو اتخاذ خطوات عسكرية أو تنفيذ مشروعات وخطط ذات أبعاد أمنية في أوكرانيا أو في دوله الأعضاء المجاورين لروسيا.


من جانبه شدّد اليكسي بوشكوف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الروسي "الدوما" من أن انضمام أوكرانيا المحتمل إلى حلف الناتو يحمل في طيّاته تحدّياً جدّياً لأمن روسيا، وفي حديثه لوكالة أنباء (إيتار تاس) الروسيّة يوم الجمعة الماضي حذر بوشكوف من المخاطر الناجمة عن احتمال انتشار قواعد عسكريّة أمريكيّة وأسلحة دفاعية بل وربما هجوميّة في الأراضي الأوكرانيّة.


ومع ذلك أشار البرلماني الروسي إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن حصول كييف على عضوية في الناتو وذلك نظراً للوضع المتأزم فيها ولعدم وجود موقف موحّد في الناتو إزاء هذا الأمر، قائلاً "إن الحرب الأهلية الحقيقية التي تعيشها أوكرانيا وتبنّيها طريق المواجهة مع روسيا جعل الكثير من الدول الأوروبية تخشى على أمنها من عواقب تورط الحلف بسبب أوكرانيا في تحرّكات لا تريد هذه الدول الإقدام عليها إطلاقاً".


واعتبر البرلماني الروسي أن آفاق عمليّة التمهيد لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي سترتبط بموازين القوى بين تلك الدول الأعضاء في الحلف الداعمة لانضمام أوكرانيا وبينها الولايات المتحدة ودول شرق أوروبا بينما الدول المعارضة هي غالبيّة دول غرب أوروبا.


ورغم عدم دعوة موسكو لحضور قمّة الناتو في ويلز البريطانيّة إلا أن القيادة الروسية تبدو في رأي المراقبين غير قلقة لابل ومطمئنة إلى وضعها في أوكرانيا بغض النظر عن العقوبات المفروضة عليها لأنها تدرك عدم رغبة الغرب الأوروبي في الدخول في مواجهة عسكريّة معها أو تحدّيها أمنياً حيث ستؤدّي مثل هذه المواجهة إلى الإخلال بميزان القوى في أوروبا فضلاً عما سينعكس بسببه من آثار خطيرة على الأمن الدولي، ولذا فهي تتخذ حالياً موقف المراقب المترصّد لما ستؤول إليه اجتماعات قمّة الناتو دون أن تركن إلى النوايا الحسنة بل إلى الاستعداد والتحسّب لكل طارىء وفقاً لأكثر من مسؤول روسي .

 

 

 

 

 

جدول أعمال
اتصل بنا

ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ

+974 40118300 / +974 44431258 : ﻫﺎﺗﻒ

ﺍﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ 2014© ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ